الخميس، 11 أغسطس 2016

القبيسيات

القبيسيات


ينتسب القبيسيات الى امراة دمشقية اسمها منيرة القبيسي كانت في بداية امرها من جماعة الاخوان المسلمين ثم شكلت تجمعا نسائيا خاصا بها و تبعت كفتارو و يذهب البعض الى ان التنظيم القبيسي هو الجناح النسائي في تنظيم الاخوان
ظهر التنظيمك القبيسي منذ بدايته على شكل تنظيمين تقليدا للاخوان المسلمين:
الاول تنظيم عام
و الثاني تنظيم سري خاص
وذكر ان للتنظيم دعم دوري يأتيه من ايران وقد دعيت العديدات من اتباعه لزيارة ايران
بدا التنظيم في دمشق ثم توسع فشمل سوريا كلها ثم انطلق خارج سوريا فاصبح له وجود في عدة دول عربية تحت اسم عام هو القبيسيات و اسماء خاصة للتنظيم في كل بلد مثل
الطباعيات: في الاردن نسبة لشيخة التنظيم هناك و هي فادية الطباع و هي سورية الاصل
السحريات: في لبنان نسبة لسحر حلبي التي ورثت التنظيم من اميرة جبريل (تزعمت الجماعة هناك في البداية، أميرة جبريل،وهي شقيقة أحمد جبريل الزعيم اليساري الفلسطيني)
الكويت: أسست الجماعة فيها أميرة جبريل، شقيقة أحمد جبريل زعيم إحدى المنظمات اليسارية الفلسطينية. ثم تأسست "جمعية بيادر السلام النسائية".
وجمعية بيادر السلام هي الجمعية الرسمية التي تعمل الآنسات من خلالها، وقد تأسست سنة 1981م، وتشرف على عدد من المؤسسات التربوية منها: مدرسة القطوف الخاصة، وحضانة السلام، وحضانة دار الفرح. وبنات البيادر في الكويت
يعتمد التنظيم القبيسي على الحرص على استقطاب الفتيات الموسرات، لذلك تحتل المكانة الاجتماعية والثراء والذكاء معايير هامة عند انضمام الفتيات إلى هذه الجماعة.
من الاصول الفكرية:
يقوم التنظيم القبيسي في اصوله الفكرية على خليط من الأفكار الصوفية والباطنية وتقديس الأشخاص ...نذكر بعض معالمها:
1. سرية التنظيم وشؤونه كإخفاء أمور الجمعية عن المجتمع وعن الأهل، والترخص بالكذب عند الضرورة على الجميع في سبيل حماية الجمعية وأمرها... الخ".
2. لهم كتاب ادعية بعنوان ( مزامير داوود ) كان يباع في دمشق و لا يشتريه الا القبيسيات و كانت فادية الطباع تبيعه في مجالسها، كذلك كانت اميرة جبريل تبيعه في الجامعة العربية في بيروت و مما جاء فيه
شيختنا معنا اينما كنا لا تضيعنا ( ص 110)
كل ما تهواه موجود في الله ( وحدة الوجود) ص 22
استغفر الله من تركي المعصية
يا ظاهرا في المظاهر --- يا باطنا في البطون ( ص 139)
انت نسخة الاكوان فيك صورة الرحمن (34)
انت في مهجتي و ضلوعي التي عشقها غايتي ( ص 378)
انت مرآة النظر عين العيان ( 57)
ما في القلب سوى الله (77)
انت نسخة الاكوان فيك صورة الرحمن (96)
يا ظاهرا في كل شيء(175)
يا حي يا قيوم قد بهر العقول سنا بهائك، عجبا خفاؤك في ظهورك ام ظهورك في خفائك( 348)
3. قامت الجماعة بتأليف كتبها الخاصة، وكل كتب القبيسيات تباع في مكتبة السلام قرب دائرة الهجرة و الجوازات في دمشق. ومن كتبهم:
• مجالس النور في الصلاة على الرسول
• فقه العبادات على المذهب الحنبلي و اخر على الفقه الحنفي
• الجامع في السيرة
• المفيد في علم التجويد
• المتاح من الموالد و الاناشيد الملاح: و فيه
• يا جمال الموجود طاب فيك الشهود
4. الشعارات و الرموز:
يوجبن على المرأة لبس القميص و السروال عند اغتسالها لان الملائكة تشاهدها. و قالت سحر حلبي " حتى لا يشوفكن ربنا بالزلط"
يلبسن بالطو، و يحرمن النقاب و يوجبن الخمار على ان يكون ذا لون ازرق او رمادي او بني. و يحرمن لبس البنطال على المرأة حتى في بيتها
تمييز أنفسهن بلبس الجلباب القصير إلى أنصاف الساقين، والمنديل المعقوف (المربوط داخل الجلباب) ولهن في لبس الجلباب نظام خاص، بحيث أن لون الجلباب يعبر عن مرتبة الانتماء للجماعة.
كل ثياب المرأة الحائض نجسة الا الموضع الذي يتلوث بالدم. و عن سحر الحلبي: اذا وضعت المرأة الحائض يدها في الطعام نجسته. و كانت سحر تحرم على البنات كشف رؤوسهن في بيوتهن و تحرم عليهن لبس الذهب و تنفرهن من الزواج و تحرم عليهن كشف شعورهن و ايديهن امام ابائهن و اخوانهن و حرمت على المتزوجة خلع ثيابها امام زوجها. و تقول سحر حلبي: من نامت على جنابة او خرجت من بيتها و هي جنب تلعنها كل شعرة بجسمها. و من لا تقص اظافرها لا تصح صلاتها
ينتشر بينهن السحاق فقد ذكرت احداهن من الطباعيات انها تعرضت للابتزاز و حاولت واحدة منهن ان تمارس السحاق معها
و النشوز عن ازواجهن و الطاعة عندهن اولا للشيخة، و اذا تعارض ما يطلبه الزوج مع ما تطلبه الانسة فالطاعة للانسة حتى و لو طلبت منها الطلاق
5. من اقوال القبيسيات :
يغلوا القبيسيات في تقديس الشيخة حتى ان واحدة قالت: لو خيرت بين ترك امي او ترك سحر الحلبي لتركت امي. ان سحر حلبي في دمي. و اخرى قالت: لو وضعوا القمر في يميني و الشمس في يساري ما تركت سحر حلبي. و اخرى قالت: صرماية سحر حلبي بعد الله...
تقول اميرة جبريل: الناس بيتزوجوا و نحن نضرب بها الكسم؟ نحن بيحصل اللقاح بيننا و بين الله
سحر قالت: لما دفن عمر بن الخطاب بقي يتعذب عشر سنين
سحر حلبي تقول في احد دروسها: عندما يدخل الرسول الى الجنة يستقبله الله و هو جالس على كرسي قائلا له: هاي يا محمد و يجلسه عنده
و تقول: عندما يدعوا الحجاج الله يجيبهم الله: ok يا عبادي. و قالت: عندما كان يدعو الرسول ربه كان الله يجبه: as you like
الله بطل الشاشة
الزواج حرام
الله كتلة نورانية و محمد جزء منه
عن سحر ان الله موجود في الكعبة فلذلك يذهب الناس للحج
فادية الطباع افتت ان تعليم العقيدة لا يكون الا بعد سن 32
سعاد ميبر و هي الشخصية الثانية في التنظيم القبيسي بعد منيرة القبيسي تقول في كتابها ( عقيدة التوحيد من الكتاب و السنة ):
ص 89
ما نراه من حقائق الكون كلها انما هو فيض من هذه الحقيقة الكبرى و هي ذات الله عز وجل
ص 453
الحيوان و النبات اذا كان عمل الصالحات في حياته يرتقي الى الطبقات الانسانية
ص 223
النبي هو انسان من البشر اوحى الله تعالى اليه بشرع و لكنه لم يكلفه بالتبليغ
أصبحت زيارة الشام عندهن أشبه بالواجب، أو الحلم، حتى أطلقت بعضهن اسم "رحلة كعبة المعاني" على رحلة الشام، في حين أن التوجه إلى مكة المكرمة لأداء الحج والعمرة هي "رحلة كعبة المباني".
ان التنظيم القبيسي احد اذرع المخابرات النصيرية داخل سوريا ويعتبر احد مصادر المعلومات عما يجري في البيوت. وسألتني احداهن مرة بعدما داخلها الشك: هل تعتقد ان التنظيم القبيسي احد الفروع الماسونية؟
ومن نسي نذكره ان القبيسيات التقين بشار الاسد اكثر من مرة وهن اصحاب الحفل الراقص في المسجد الاموي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للاستزادة:
http://www.saaid.net/feraq/sufyah/t/11.htm
http://ar.wikipedia.org/…/%D9%82%D8%A8%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8…
أسامة السيد - دراسة شاملة عن التنظيم النسائي السري الخطير لمنيرة قبيسي وأميرة جبريل وسحر حلبي وفادية الطباع وسعاد ميبر.و مؤلف هذا الكتاب ينتمي إلى فرقة الأحباش التي تنتشر في لبنان

التصوف والزندقة

                        

التصوف والزندقة

خلال العصر الهلنستي (333 – 30 ق م) الذي ابتدأ في الشرق بغزو الإسكندر المقدوني وانتهى مع الغزو الروماني وسقوط السلوقيين في سوريا والبطالمة في مصر، فقد طبع الإغريق المنطقة بطابع حضاري توافقي شمل كل نواحي الحياة فزاوجوا بين الموروث الحضاري الإغريقي والموروث الحضاري الشرقي فنشأ على الصعيد الديني نتيجة ذلك تيار ديني مازج بين العقائد الشرقية القديمة وعقائد الإغريق وفلسفات أرسطو وفيثاغورث وأفلاطون وأفلوطين، وقد عُرف هذا التيار باسم (الهرمسية) نسبة لشخصية أسطورية أو حقيقية اسمها هرمس ينسب اليه أتباع الهرمسية أصولهم الفكرية والاعتقادية. وقد ظهرت الهرمسية ابتداء في الإسكندرية لكنها انتشرت خارج مصر لاسيما فلسطين وأثرت في الحالة الدينية لليهود أولًا ثم للمسيحيين بعد ظهور المسيحية، ومن تلاقي الهرمسية مع اليهودية والمسيحية ظهر تيار آخر هجين يطلق عليه الباحثون المعاصرون اسم (الغنوصية) وهي كلمة إغريقية الأصل تعني (المعرفة) لأن أتباعه انتهجوا طريق المعرفة أو العرفان (معرفة الله) على اسس فلسفية للوصول إلى الخلاص دينيًا بدل العمل بظاهر النصوص الدينية التي تنتهج طريق العمل والعبادة والأوامر والطاعات
خلال القرن الأول الميلادي وما تلاه تعرض الغتوصيون لحملات الملاحقة والمطاردة من قبل الكنيسة المسيحية والدولة البيزنطية التي اعتبرتهم زنادقة كفار فهرب الكثير منهم نحو بلاد فارس والعراق حيث لا سلطان لبيزنطة والكنيسة هناك فانشأوا تجمعات لهم في جنوب العراق والمدائن عاصمة الفرس كان لها اثرها على الديانة السائدة في فارس في ذلك الوقت وهي الزرادشتية فنشأ فيها بفعل الغنوصيين تيار غنوصي زرادشتي تبلورت أفكاره واصوله على يد ماني مؤسس الديانة المانوية التي زاوجت بين المسيحية الغنوصية والزرادشتية.
عندما حل المسلمون في العراق بعد القادسية وهزيمة الفرس كان اول لقاء بين الإسلام والمانوية، ورغم ان المسلمين اسسوا مدنا خاصة لهم ولم يتخالطوا مع السكان الأصليين ابتداء الا ان موقع مدينتي البصرة والكوفة كان قريبا بما يكفي من مراكز المانوية والصابئة ليختلط أولئك بالمسلمين على اطراف تلك المدن او داخل المجتمع المسلم بعد ان اظهروا الإسلام وارتبطوا مع القبائل العربية برابطة الولاء التي نتج عنها ما يعرف في التاريخ الإسلامي باسم الموالي وهم الفرس الذين اسلموا وانتسبوا لاحدى القبائل العربية برابطة الولاء وليس الدم.
لقد كان العرب الذين سكنوا الكوفة والبصرة هم بغالبيتهم من المرتدين السابقين فرضت ظروف الحرب مع فارس على عمر بن الخطاب إعادة استخدامهم في الجيش بعد ان كانوا ممنوعين من ذلك لذلك كان مجتمع الكوفة والبصرة هو خليط من عرب الردة السابقين ومن الفرس الذين اسلموا او ادعوا الإسلام ظاهرا وبقوا على دين الإباء: الزرادشتية والمانوية لذا لم يكن غريبا ان يكون هذا الوسط هو الذي نشأت فيه الغنوصية الإسلامية الأولى التي كان عبد الله بن سبأ اول من جاهر بمعتقداتها عندما نادى بألوهية علي بن ابي طالب ثم اتسعت لاحقا وشكلت تيارات ومذاهب عرفت في القرن الثاني الهجري باسم (الزنادقة) ثم صار يشار لها في القرن الرابع الهجري باسم الفرق الباطنية
ان كلمة الزندقة مأخوذة من اسم كتاب المانوية المقدس (زندافستا) وهو الاسم الذي اطلق على المجموعات الغنوصية الإسلامية الذين اظهروا الإسلام وابطنوا المانوية ومن هؤلاء نشأ تياران:
تيار صبغ زندقته بصبغة التشيع وهو الذي لوحق وتم البطش به ابتداء من خلافة أبي جعفر المنصور وابنه المهدي بسبب دعاويه السياسية والدينية ومطامعه في الحكم والسلطة فقتل من اتباعه عبد الله بن معاوية وابن المقفع وبشار بن برد وعبد الكريم بن ابي العرجاء وأبو الخطاب محمد بن ابي زينب ... وفي كل ضربة يتلقاها من قبل السلطة الحاكمة كان اتباعه يتشظون وينقسمون الى فرق غالبها كان يندثر وبعضها القليل استمر ولا سيما اتباع الإسماعيلية والنصيرية الذين بقوا الى يومنا.
التيار الثاني في الغنوصية الإسلامية كان تيارا انتهج أسلوب الزهد في ظاهره وانعزل اتباعه عن الشؤون العامة ولم تكن لهم اهتمامات بالسياسة والحكم -باستثناء الحلاج واتباعه- لذلك نما هذا التيار بعيدا عن الضوء ولم يلاقي ما لاقه الزنادقة الشيعة لا سيما ان ولاية اهل البيت لم تكن جزء من اعتقاده مثل الزنادقة الشيعة، لذلك حسب على اهل السنة على عكس التيار الأول الذي حسب على الشيعة... اضف الى ان الزندقة الصوفية المحسوبة على اهل السنة لم تظهر الا في وقت متأخر مقارنة بالزتدقة الشيعة فاول من جاهر بزندقته القائمة على عقيدة الحلول والاتحاد كان أبو يزيد البسطامي في أواسط القرن الثالث الهجري في حين ان اول حركات الزندقة الشيعية ظهرت منذ القرن الأول لذلك سلط عليها الضوء وكتب عنها اكثر مما سلط وكتب حركات الزندقة الصوفية
اطلق على الغنوصية المحسوبة على اهل السنة اسم (الصوفية) وهو اسم اختلف الصوفية انفسهم في معناه فنسبه البعض الى الصوف لانهم كانوا يلبسون الصوف بدافع الزهد والتقشف. بينما قال اخرون مشتق من اسم اهل الصفة وهم جماعة من الصحابة كانوا زهادا في الحياة. ولكن قديكون المصطلح جاء من كلمة (الصفا) وهو مصطلح مشترك بين كل الفرق الباطنية فعند الإسماعيلية وجد اخوان الصفا، وعند النصيرية يوجد عالم الصفا (الجنة) والصوفية في نهاية طريق السالك الهدف هو الوصول الى الصفا ...
يقسم الدارسون للتصوف هذه النحلة الى اقسام بحسب تطورها، فيقولون بدأت حركة التصوف على شكل نزعة للزهد نشأت في البصرة في القرن الثاني الهجري كان روادها الحسن البصري وإبراهيم بن الادهم والسري السقطي... ثم تطورت وانشقت الى تصوف إسلامي يعتمد الكتاب والسنة –بزعمهم- كتصوف ابي حامد الغزالي. وتصوف يعتمد الفلسفة الاغريقية كتصوف البسطامي والحلاج والسهروردي وابن عربي... ولكن ما يبدو في الواقع العملي اليوم ان لا فرق بين من يدعي التصوف الإسلامي ومن يدعي التصوف الفلسفي فكلاهما يقتبس ويعتقد بما اعتقده أصحاب التصوف الفلسفي من عقائد في وحدة الوجود والحقيقة المحمدية ووحدة الأديان ... وهي أصول مشتركة عند اتباع العقائد الباطنية كلها مما يجعل من تقسيم التصوف الى إسلامي وفلسفي هو ضرب من التنظير المخالف للواقع، فالتصوف كله فلسفي إضافة الى ان التصوف الذي يسمونه إسلامي –ان صح وجوده- هو بدعة ما انزل الله بها من سلطان لا في كتاب ولا سنة بل هو وافد على هذا الدين فلا صوفية في الاسلام.
ليس الهدف من كل ماذكر هو تقديم تفصيل لتاريخ التصوف وانما مقدمة بخطوط عريضة جدا الهدف منها هو التمهيد للدخول في الموضوع الأساسي وهو المقارنة بين عقائد الصوفية وبين عقائد النصيرية (العلوية) حصرا. لنرى مقدار التطابق فيما بينهما. 

الحقيقة المحمدية في اعتقاد الصوفية والنصيرية

الحقيقة المحمدية
في اعتقاد الصوفية والنصيرية:


تسمى الحقيقة المحمدية أيضا الكلمة المحمدية، والنور المحمدي، ونور محمد، وحقيقة محمد. ومهما كانت التسمية فان هذا المصطلح هو من اخص مصطلحات العقائد الصوفية الذي يشرح بدء الخلق وما يترتب على فكرتهم تلك من وحدة الوجود والاديان وتعطيل أسماء الله الحسنى وانزالها على المخلوقين بشكل متطابق مع ما يعتقده النصيريون في هذا الموضوع وان اختلفت العبارة بينهما.
يقول الصوفية ان الله لما شاء ان يوجد الوجود من بعد العدم قبض قبضة من نوره وجعل منها ما كان وما يكون.
هذا النور الذي هو من نور الله والذي جاء منه كل ما هو موجود يسمونه الحقيقة المحمدية لان هذا النور في حقيقته التي عرفها البشر هو النبي محمد الذي منه ظهرت النبوة في البدء وعنه ظهرت كل الموجودات فهو سيد الوجود واول الاولين وخاتم النبيين هو المختص بالاسم الاعظم (الله)
ويميز بعض الصوفية هنا بين نوعين للحقيقة المحمدية:
الحقيقة المحمدية النورانية التي وجدت منذ الأول وكانت مصدر الخلق والتكوين والنبوة
والحقيقة المحمدية البشرية وهي كل الأنبياء الذين ظهروا منذ ادم وحتى محمد فهؤلاء هم تمثيل بشري للحقيقة المحمدية النورانية في الأرض وان كان لمحمد السبق عليهم من حيث ان حقيقة النبوة فيه موجودة منذ البدء بينما باقي الأنبياء لم تقع عليهم حقيقة النبوة الا عند ظهورهم. وهم -أي الأنبياء- في حقيقتهم محمد وان اختلفت الصورة
يقول ابن عربي بما معناه:
لما اراد الحق ايجاد العالم انفعل عن ارادته المقدسة (الهباء) ثم تجلى بنوره لهذا الهباء فكان الاقرب لهذا النور هو حقيقة محمد التي هي العقل فكان سيد العالم بأسره واول ظاهر الوجود ...
ويقول الحلاج عن (الحقيقة المحمدية):
طس سراج من نور الغيب وبدا وعاد جاوز السراج وساد... سماه الحق اميًا... انوار النبوة من نوره برزت وانوارهم من نوره ظهرت... وجوده سبق العدم واسمه سبق القلم لانه كان قبل الامم ... الحق به، وبه الحقيقة، هو الاول في الوصلة (الوجود)، وهو الاخر في النبوة، والباطن في الحقيقة، والظاهر بالمعرفة ... الحق ما اسلمه الى خلقه لانه هو، وأنَّى هو، هو هو ...
لا يختلف مفهوم الحقيقة المحمدية التي يؤمن بها الصوفية عما يؤمن به النصيريين سوى ان الصوفية يسمونها الحقيقة المحمدية، بينما النصيريون يسمونها: الحجاب والعقل والاسم، ومعنى الحقيقة المحمدية الصوفية يتطابق مع معنى الحجاب النصيري في اكثر من معنى:
1- يقول الصوفية –كما مر من كلام ابن عربي - ان الحقيقة المحمدية جاءت فيضا من نور الله. ويقول النصيريون بنفس المعنى عن حلق الحجاب الذي هو محمد، فقد قال ميمون الطبراني في تعريف الحجاب:
الحجاب الاقدم (محمد) الذي من نور ذاته لمع و اشرق و انار و انبثق و اضاء بنوره المنبثق و جميع المخلوقات به خلق ، فهو قدرته الباهرة و حجته الشاهرة و عينه الناظرة و يده الظافرة ، خشعت لنوره الانوار و تاهت في تحديده نوافذ الافكار ....
2- يقول الصوفية ان الحقيقة المحمدية عنها ظهر الوجود، ويقول النصيريون:
"أنّ عنصر العناصر وجوهر الجواهر قد اخترع الاسم (الحجاب) من نور وحدانيته وجعله نورا منجبلا من جوهر معنويته وحركة من سكونه واصطفاه وسمّاه باسمه واجتباه ولم يكن له ربّا سواه وجعله وحده الخالق ولسانه الناطق وأقامه بالأمر العظيم والسبب القديم، وجعله دائرة الوجود ومحراب السجود بأمر العلي المعبود وقال له: كن مسبب الأسباب ومبوب الأبواب. .. وأمره أن يخلق العوالم العُلْوية والعوالم السفلية"
3- يقول الصوفية ان الحقيقة المحمدية هي حجاب الذات الالهية، فقد قال الشيخ الأكبر ابن عربي في شرحه لترجمان الأشواق:
كل من الخلق واقف عند حجاب العزّة الأحمى فعند هذا الحجاب تنتهي علوم العالمين، ومعرفة العارفين ولا يصح لأحد أن يتعدى هذا الحجاب، ولو كان من أكابر الأحباب,..انتهى.
قلت: وحجاب العزة الأحمى هذا هو رداء الكبرياء المعنون عنه بالحقيقة الأحمدية فإليه ينتهي علم العالمين، ومعرفة العارفين، ولا يصح رفعه لعين من أعيان الممكنات فعليه يقع التجلي، وفيه تقع المشاهدات، وعنه تفاض التجليات, فافهم .
ويقول النصيريون بذات المعنى، ان الحجاب هو الستر الذي استترت خلفه الذات الالهية، فقد جاء في النصوص الدينية النصيرية قولهم: " " المعنى الصمد الفرد الاحد اخترع من نور ذاته واحدا جعله اسمه الخالق و نوره الباسق و حجابه اللاصق. اخترعه من غير حاجة منه اليه لا عيبا به بل لحاجة المخلوقين اليه لان ليس في استطاعتهم ان ينظروا الى اللاهوتية بل ينظرون اليه من حيث هم فلما علم ذلك منهم اقام الحجاب لهم ليدخلوا منه اليه و يستدلوا به عليه..."
4- يقول الصوفية ان الحقيقة المحمدية ذات مظهرين، مظهر نوراني من نور الله، ومظهر بشري في صور الانبياء، ويقول النصيريون ان الحجاب نوعين: قديم: وهو النور الذي اوجده الله من نوره وجعله حجابه واسمه. ومحدّث: وهو الصور البشرية التي ظهر بها الحجاب بين البشر في صور الانبياء من ادم حتى محمد، فقد جاء في كتب النصيرية «عن محمد بن علي الجلي في روايته عن العالم ( جعفر الصادق ) منه السلام ، قال : سئل عن الاسم (الحجاب) فقيل قديم ام محدث؟ فقال منه السلام: قديم في النور محدث في الظهور. فتامل يا سيدي معنى الحدث الداخل على الاسم من مولاه تعالى عما يشركون و المحدث جسده النوري و هيكله المحمدي على ما قدمته» . وصور الأنبياء جميعهم هي مظهر بشري للحقيقة المحمدية الصوفية كما يقول الحلاج: "انوار النبوة من نوره برزت وانوارهم من نوره ظهرت" ويثبت النصيريون نفس المعنى الذي عند الصوفية. فقد قال شيخ الطائفة النصيرية الخصيبي عن الحجاب:
فهو النبيون غير شك والرسل من غير ترجمان
فتارة آدم ونوح ثم إلى صالح اليماني
من بعد هود وقبل لوط ثم إبراهيم في أمان
ثم شعيب وبعد موسى ثم بعيسى وذا نيان
ثم إلى هاشم المعالي ثم إلى أحمد المعاني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر ومراجع:
1-موسعة المصطلحات الصوفية-ص300 وما بعدها
2-سعاد الحكيم- المعجم الصوفي- الحقيقة المحمدية- ص347 وما بعدها
3- الفتوحات المكية (1/118)
4- الحلاج- الاعمال الكاملة- طاسين السراج- ص161-163
5-ميمون الطبراني احد مؤصلي العقيدة النصيرية عاش في حلي ومات في اللاذقية في القرن الخامس الهجري وقد ورث مشيخة النصيريين عن شيخه محمد بن علي الجلي خليفة الحسين بن حمدان الخصيبي.
6-الطبراني- البحث و الدلالة- مخطوط- ص 4/ب
7-كتاب التعليم النصيري- سؤال 11 وجوابه
8-مدونة الاسرار المحمدية على الرابط التالي:
9-ابن شعبة الحراني- اختلاف العالمين- ص3
ديوان الخصيبي

مبدأ الثنوية والاسم الأعظم عند الصوفية والنصيرية






مبدأ الثنوية والاسم الأعظم عند الصوفية والنصيرية:


وهو ما يعني عندهم ان هناك فرق بين الاسم كلفظ وبين معناه فهما شيئان مختلفان لذلك قالوا: ان الاسم غير المُسمى.
ان الاسم الأعظم عند الصوفية وعند الفرقة النصيرية هو (الله)، يقول ابن عربي:
"ومعلوم عند الخاص والعام ان ثم اسما عاما يسمى: الاسم الاعظم. وهو في اية الكرسي واول سورة ال عمران"
ولكن هذا الاسم في عقائدهم ليس هو مايعتقده المسلمون من انه هو ذات الله، بل يقولون: ان الاسم غير المسمى. فاسم الله ليس هو ذات الله بل هما شيئان: الاسم (الله) له وجوده الخاص المستقل القائم بتفسه، والذات الإلهية لها وجودها الخاص. ولكن وجد الاسم (الله) كدلالة على المسمى (الذات) التي هي بمعتقداتهم لا تسمى باسم ولا توصف بوصف من حيث حقيقتها لانها ممتنعة عن النعوت والاسماء والصفات، وهذا ما يؤدي بالنتيجة الى مبدأ الثنوية حيث يقوم الكون على ثنائية الاله الأول (الذات الإلهية) والاله الثاني (الله)
يرى الصوفية ان الاسم الأعظم (الله) هو الحقيقة المحمدية التي جاءت نورا من نور الذات الإلهية وعنها ظهر كل ما هو موجود وقد تمثل الاسم الأعظم بشرا في صور الأنبياء المعروفين واخرهم وسيدهم محمد. يقول ابن عطاء السكندري:
وقال لي رب الأرباب : الإسم الأعظم سر الحقيقة المحمدية : وهو سر قلبك ، وقطب وجودك
وبشكل لا يدع مجالا للشك حول حقيقة ان (الله) هو الاسم الاعظم، وان محمدا هو القائم بهذا الاسم، يقول ابن عربي: "... وصلى الله على الاسم الاعظم، والرداء المعلم، والممد للهمم، بالقيل الاقوم محمد الذي فتح به الكتاب وختم"
وقال الكتاني (من شيوخ الصوفية):
" فقد تخلق صلى اللـه عليه وسلم بالأسماء الإلـهية الذاتية ومن جملة الأسماء اسم الـهوية (الله) فتخلق به صلى اللـه عليه وسلم ومن يوم انبسطت عليه أشعة مقتضى هذا الاسم وهو صلى اللـه عليه وسلم مجهول عند جميع العوالم فلم يدرك لـه قرار ولا حد و لا مطلع"
ولا يختلف الصوفية جميعا حول هذه الحقيقة من ان الاسم الاعظم هو (الله) وان الحقيقة المحمدية (محمد) هو هذا الاسم. واسم الله الذي هو الحقيقة المحمدية هو امام الاسماء الحسنى كلها، فاسماء الرحمن والرحيم والمنعم والكريم... هي تبعا للاسم الاعظم. اما الذات الالهية فلا يقع عليها اسم من هذه الاسماء وتتنزه عن هذه الاسماء كما يعلن ذلك ابو يزيد البسطامي بقوله:
" توبة الناس من ذنوبهم وتوبتي من قولي: لا اله الا الله، اني أقول بالألة والحروف والحق خارج عن الحروف والالة"
يستخدم النصيريون مصطلح (الاسم) الذي هو ثاني الثلاثة في اللاهوت النصيري بنفس المعنى الذي يستخدم الصوفية مصطلح الاسم الاعظم ولا يختلف معنى (الاسم) النصيري عن (الاسم الأعظم) الصوفي في شيء، فهو هو في معناه ومبناه، فهو الله وهو واقع على محمد الذي هو الحجاب للذات الإلهية. يقول احمد حيدر (نصيري حيدري):
" لفظة الجلالة (الله) دلت على الله الحق الاول، وهي غيره... فلفظة الجلالة (الله) تكتب ويشار بها اليه تعالى، والله اعلى من هذا الاسم المقيد بهذه الحروف، غير ان هذا الاسم فيه معنى الالوهية ... فهو الاسم الجامع وامام ائمة الاسماء... وهو النبي صلى الله عليه وسلم... وليس من اسم لله سبحانه الا وهو ظل لهذا الاسم:
ويقول الكلازي الانطاكي (شيخ النصيريين الكلازيين) عن الاسم:
سماه الله و الاسم و المكان و الحجاب للذات ... و ان جميع الاسماء و النعوت و الصفات الواقعة على الازل جعلها له و انحله اياها و حباه بها مثل سميع بصير عليم خبير قادر قاهر اول اخر باطن ظاهر.... و ما شاكل ذلك من الاسماء التي يشار بها الى المعنى فهو موقعها ( الاسم )
عندما تحد الصوفية يقيمون حلقات الذكر في الصلاة على النبي، وعندما تراهم وتسمعهم يستغبثون بمحمد وعندما تجدهم ينسبون الى محمد صلى الله عليه وسلم ما لا يجوز نسبته الا لله ويعظمونه ويقدسونه الى حد العبادة فانهم عندما يفعلون ذلك لا يفعلونه على سبيل الجهل وقله العلم بل يفعلونه عن عقيدة –خاصة كبارهم وشيوخهم- فما دام في معتقدهم الباطني ان محمد منه جاء الخلق والوجود وعليه يقع لفظ الجلالة (الله) وهو الاسماء الحسنى فهو اهل لان يدعى ويعبد ويُتَوسل به ... وهذا الكفر والشرك يفعله الاتباع تقليدا وجهلا ويفعله الكبار عن عقيدة ودين....
هذا دين كفتارو والحسون الجفري واليعقوبي والنابلسي وكل من انتسب اليهم وهم لا يختلفون عن إخوانهم العلويين في هذه العقيدة في شيء ابدا... يتبـــــــــــــــــع
ــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر:
المعجم الصوفي-
ابن عربي- فصوص الحكم- ج2
ابن عربي-مراة العارفين في ملتمس دين العارفين
مدونة الاسرار المحمدية- http://mohammadiy.blogspot.com/2013/09/blog-post_8936.html
البسطامي- المجموعة الكاملة-
احمد حيدر-التكوين والتجلي-
الكلازي الانطاكي-التأييد في خاص التوحيد





يعرف الصوفية الاسم كما يقول الجيلي في الانسان الكامل بالتالي: الاسم ما يُعَين المسمى في الفهم ويصوره في الخيال ويحضره في الوهم ويدبره في الفكر ويحفظه في الذكر ويصوره في العقل






ان الزنادقة الأوائل في التاريخ الإسلامي الذين اسسوا للفرق الباطنية هم اول من استخدم مصطلح (الاسم الأعظم) وتذكر كتب الفرق والملل ان بيان بن سمعان التميمي الذي عاش أواخر القرن الأول الهجري وبدايات القرن الثاني وتنسب اليه الفرقة البيانية الباطنية كان يقول: انه يدعو كوكب الزهرة فتجيبه وانه يحيي الموتى ... وانه يفعل ذلك بالاسم الأعظم.

عقيدة وحدة الوجود عند الصوفية والباطنية





عقيدة وحدة الوجود عند الصوفية والباطنية:

تعني عقيدة وحدة الوجود انه في الاصل لم يكن من وجود غير وجود الله ولا شيء معه، وكل ما ظهر بعد الله فعن ذات الله ظهر ومنه تفرع وليس هناك غير الله وان بدا ان الوجود متعدد فهذا التعدد جاء من الله وعنه صدر وهو تعدد في الظاهر لا في الحقيقة, فليس هناك من حقيقة الا الله.
تعود عقيدة وحدة الوجد الى ما قبل الاسلام ولها جذورها في الديانات البراهمية والكونفوشية والفلسفات الاغريقية التي شكلت الروافد للعقائد الغنوصية التي جاءت منها العقائد الباطنية الصوفية
لم تظهر عند الفرق الصوفية عقيدة وحدة الوجود دفعة واحدة بل ظهرت على مراحل حتى تكاملت عند ابن عربي بالشكل المعروف لها. ففي البدء عرف التصوف وحدة الشهود التي تمثلت في شطحات ابي يزيد البسطامي ومن بعده الحلاج، حيث صعد ابو يزيد البسطامي ليتحد بالله ويفني وجوده العارض في وجود الله الازلي ويصير هو هو. فقال: دعاني باسمه وكناني بهويته وناجاني باحديته، قال: يا انا ...
بينما اهبط الحلاج الله الى الارض ليكونا شيئا واحدا، وعبر عن هذه العقيدة بقوله شعرا:
أنا من أهوى ومن أهوى أنا *** نـــــحن روحان حللنا بدنا
فــــــإذا أبصرتني أبصرته *** وإذا أبصــــــــرته كان أنـــا
ثم تطاول الزمن بهذه العقائد حتى وصلت الى وحدة الوجد على يد ابن عربي الذي له عبارات صريحة في اقراره بوحدة الوجود مثل قوله:
انه ما في الوجود الا الله
ويقول: " وهو من حيث الوجود عين الموجودات"
" وما ثَمَّ الا وجود واحد والاشياء موجودة به معدومة بنفسها"
ويقول: "... الوجود كله واحد في الحقيقة لا شيء معه..."
يؤصل الصوفية عقيدة وحدة الوجود من خلال قولهم: ان الله فاض بنوره على الهباء (اللاشيء) فظهر عن ذلك الوجود بشكل متسلسل عن بعضه، فكان قمته الحقيقة المحمدية (محمد) وما دونه سائر الموجودات، فالفيض من ذات الله كان كالنهر الجاري منبعه من الله ومصبه عند نهاية الخلق وبالتالي فكل ما في الوجود جاء من ذات الله فيضا وليس خلقا منفصلا عن ذات الله، فالله موجود في كل شيء وهو حقيقة كل شيء من العرش حتى الفرش وليس هناك وجود غير وجود الله
واعتمادا على هذه العقيدة فان عملية الخلاص والوصول الى (الجنة) هو في باطنة وحقيقته فناء الانسان في ذات الله حتى يزول وجوده الحادث في وجود الله الدائم وهذا يقتضي الصعود في الدرجات للعودة الى الاصل (الله). وهي عملية عكسية لعملية الخلق، فالوجود جاء فيضا عن الله كالماء المتدفق من المنبع (الله) الى المصب (الانسان) وعلى الانسان ان ينتهج طريق المعرفة ليرقى درجة درجة حتى يصل الى المنبع (الله) ليعود الفرع (الانسان) الى الاصل (الله) الذي جاء منه. وعن هذا الاصل ظهرت الطرق الصوفية كالشاذلية والنقشبندية ... فالطريقة هي الاسلوب الذي يتبعه السالك المقتدي بشيخ ليصل الى الخلاص. وتعدد الطرق الصوفية هو نتيجة تعدد الاولياء الذين نحى كل منهم منحى مختلفا للوصل الى الله عبر المعرفة (معرفة الله) وليس عبر العبادة فالمعرفة عندهم اجل واعظم من العبادة المتمثلة باركان الإسلام والاوامر والناهي، يقول البسطامي:
اطلع الله على قلوب اوليائه فمنهم من لم يكن يصلح لحمل المعرفة صرفا، فشغلهم بالعبادة ... الجنة جنتات: جنة النعيم، وجنة المعرفة، فجنة المعرفة ابدية، وجنة النعيم مؤقتة ... عجبت ممن عرف الله كيف يعبده .
ويظهر عند كبار الصوفية أحيانا تهكما بالعبادات وسخرية من الجنة والنار لانها بنظرهم هي مطالب للعامة ممن لم يعرف حقيقة الله والغاية من الخلق وطريق الخلاص. فقد روي عن ابي يزيد البسطامي ان ذا النون ارسل اليه مصلى فقال: ما اصنع به؟ وجه الي متكأ اتكئ عليه . وقال مرة: لم ار من الصلاة الا نصب البدن ولا من الصوم الا جوع البطن ونقل عنه انه قال: الجنة لعبة صبيان .
لا يختلف الصوفية في عقيدتهم هذه في الخلق ووحدة الوجود وما يترتب عليها عن العلويين (النصيريين) في شيء. فالعلويون يعتقدون أيضا ان الخلق جاء فيضا عن الله، فظهر عن نور الله نورا هو: الحجاب/ محمد، فكان الوجود، ثم فاض عن محمد نورا فكان الكون وما فيه من خلق وكلهم جاء بشكل متسلسل بعضهم عن بعض. وجميع ما في الوجود عن الله ظهر يقول ابن شعبة الحراني:
"أن حِجَاب الله الأعلى الذي ليس له فرق ولا فاصلة من مبديه ومنشيه، هو العقل الأوَّل المحيط بالكلّ قوَّة وقدرة وعَظَمة وجلالة وكبرياء ومهابة ، وهو مُحدِث الوجود وإليه نهاية العالَم ... قائم بالقوَّة والقدرة الإلهيّة والعَظَمَة، فائض عن ذاته سائر الذّوات من مبدع الكلّ ... وهو من الوجود في كلّ موجود ... جميع ما في الكلّ فيه ومنه وعنه ظهر، لا يخلو منه شيء، ولا يحيط به شيء، وهو اسم الله العظيم ...

وحلاص الانسان من وجوده المادي الجسدي –بحسب العقيدة النصيرية- يقتضي منه ان يسلك طريق المعرفة لا العبادة، فالله بزعمهم لم يفرض على الانسان أي عبادة بل فرض عليه ان يعرفه ومن كملت معرفته ارتقى في الدرجات صعودا حتى يعود الى اصله النوراني الذي جاء منه، اما العبادات والاوامر والنواهي فهي للعامة من المقصرة من اهل الظاهر. جاء في كتاب الهفت:
"... ما وضعت الاصار و الاغلال الا على المقصرة. و الاغلال هي الفرائض الظاهرة لازمة لاهل الظاهر مفروض عليهم اقامتها و رفع ذلك عن المؤمنين البالغين المقريين بربوبية امير المؤمنين لقول الرسول صلى الله عليه و سلم: من عرف الله بحقيقة المعرفة سقط عنه حد التكليف و الاغلال و الاصار. و التكليف هو هذه الاوامر الظاهرة لم يكلف الله المؤمن العارف بها و باقامتها"
وبنفس الطريقة التي يتهكم بها البسطامي على الجنة، يتهكم شاعر النصيرية المكزون السنجاري فيقول
رغبت بالنار فرحت زاهدا في جنة بوعدها غيري يغتر
ويعلق سليمان الأحمد على هذا الشعر بقوله: هو تعريض بامال النواصب (اهل السنة) بالجنة.
وبالجمل فان عقائد الصوفية في وحدة الوجود وما يترتب عليها من كفر بحق الله تعالى واسقاط التكاليف واستبدال العبادة بالمعرفة... هي نفسها عقائد النصيرية. ولقد كان التلفزيون السوري (النصيري) في فترة ما قبل الثورة له برنامج باسم (مدارات) يديره شخص علوي ويستضيف شيوخ من الشيعة والعلوية والصوفية لترويج مثل هذه العقائد تحت عنوان الفلسفة الاشراقية... وهذا النهج في الاعلام لم يقتصر على التلفزيون السوري وحسب بل كان نهجا عالميا حتى ان منظمة اليونسكو اتخذت من عام 2007 عاما للاحتفال بجلال الدين الرومي احد رواد عقيدة وحدة الوجود ووزعت في بريطانيا وحدها مليون نسخة من كتبه. واذا عرف ان الصوفية والباطنية يشتركون مع القبالة اليهودية في هذه العقيدة بطل العجب، ويذكر ان الفيلسوف اليهودي سبينوزا كان قد طور نظرية وحدة الوجود ليجعل منها وحدة الوجود المادية كنظرية اخترقت المناهج السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
ولئن كان عوام الصوفية على جهل بعقيدة وحدة الوجو.د بسبب انها تحتاج إمكانيات عقلية لفهمها فان خواص الصوفية من أصحاب الطرق المعروفين ككفتارو وأبو النور خورشيد والشيخ رجب... على علم بها ويعتقدونها ويدافعون عنها وعن صاحبها الذي اصلها لهم الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي.

الخريطة العرقية والدينية في سوريا




الخريطة العرقية والدينية في سوريا

العرب في سوريا تاريخيا وسكانيا

تطلق المصادر الجغرافية الاسلامية على البقعة الجغرافية الواقعة شمال الجزيرة العربية وبين نهر الفرات والبحر المتوسط اسم بلاد الشام والشأم والشآم والتي اعتبرها بعضهم امتدادًا طبيعيًا للجزيرة العربية وليست اقليمًا مستقلًا معتبرين أن شبه الجزيرة العربية هي جزيرة وليس شبه جزيرة يحدها الخليج العربي ونهر الفرات من الشرق والشمال والمتوسط والبحر الأحمر من الغرب. وقد اختلفوا في أصل تسمية الشام، فقال البعض نسبة لسام بن نوح الذي سكن المنطقة بعد الطوفان. وقال البعض لأن أرضها تتخللها بقع سوداء مثل الشامات، وقيل لأن الشام تقع إلى شمال الكعبة، والشام تعني الشمال في بعض اللهجات العربية...
ومهما يكن أصل التسمية فإن اسم سوريا الذي أطلق على الجزء الشمالي من بلاد الشام في العصر الحديث لم يرد في المصادر الاسلامية الجغرافية كاسم معتمد لهذه البقعة من بلاد الشام فقد ذكره المسعودي وقال إنه الشام والجزيرة (الجزيرة الفراتية). وذهب ياقوت الحموي للقول أنه اسم لمنطقة بين خناصرة وسليمة (قرب حلب). وكان أقدم ذكر لاسم سوريا ورد في السجلات الفارسية خلال احتلالهم المنطقة أيام الإخمينيين (559- 331 ق م) حيث أطلقوا اسم سورستان على العراق والشام والجزيرة. واستخدمه المؤرخ الاغريقي هيرودوت (484-425ق.م) واستخدمه الاغريق خلال حكم السلوقيين وكذلك استخدمه الرومان. وقد ذهبوا مذاهب عدة في أصل الاسم فقال بعضهم مشتق من آشوريا بسبب غلبة الآشوريين عليه زمن الاحتلال الفارسي والإغريقي، وقال آخرون أنه مشتق من (صور) احدى مدن الساحل، وقيل نسبة إلى إيسوريا في اقصى شمال الشام أحد الثغور من جهة الاناضول ...
أما العرب فنكاد لا نلمح استخدامهم لاسم الشام أو سوريا قبل الإسلام اذا اعتبرنا الشعر الجاهلي مصدرا تاريخيا لهذه الفترة لانعدام المصادر العربية المكتوبة قبل الإسلام، بل استخدموا أسماء المدن والمناطق كحمص والجولان وجلق (دمشق)... على عكس الحال بعد الإسلام حيث صارت تسمى الشام كما يظهر في الحديث النبوي والشعر الاسلامي والمصادر التاريخية عمومًا.
لعب موقع بلاد الشام المتوسط بين الشرق والغرب والشمال والجنوب دورًا كبيرًا في جعلها مقصدًا لهجرات الشعوب وغزواتهم، وكذلك شكلت طبيعتها الجغرافية لا سيما غربها الجبلي المنعزل دورًا في جعلها مقصدًا ومستقرًا للطوائف الدينية المنشقة عن الإسلام هربًا من الملاحقة أو بؤرة لممارسة نشاطها بعيدًا عن الرقابة، ولهذين السببين: الموقع، والتضاريس. تعددت الأعراق والأديان والطوائف التي عاشت ولا زالت فيها. وكلا هذين السببين منعا من قيام إمبراطوريات وحكومات قوية في هذه المنطقة على غرار بلاد الرافدين ومصر، فالموقع أفقدها الاستقلالية وجعلها محط أنظار الطامعين والذي أدى بدوره إلى افقادها الاستقرار نتيجة تعاقب الحروب وتصارع الامبراطوريات للسيطرة عليها. والتضاريس ساهمت في تجزئتها إلى مناطق يصعب التواصل فيما بينها، هذا إذا استثنينا فترة العصر الاموي حيث كانت مركزا لخلافة بني امية وعاصمة للدولة الاسلامية
ومن حيث الواقع التاريخي فان أول من سكنها كان أولئك الأقوام الذين تسميهم المرويات التوراتية الساميين وهم مجموعة عرقية واحدة أخذت أسماء متعددة عبر الزمن مشتقة من موطنها أو نشاطها أو موقعها الذي حلت فيه فالآموريون (العموريون) والاراميون والكنعانيون والفينيقيون والعبرانيون والعرب ... هي مسميات متعددة لأصل عرقي واحد لمجموعات بشرية خرجت على مراحل تاريخية متباعدة من الجزيرة العربية وانساحت في بلاد الشام والعراق مشكلة امبراطوريات وممالك وحضارات ظلت مستمرة ولها صبغة عرقية ولغوية واحدة نتيجة وجود رافد بشري عبر الزمن يرفدها من الجزيرة العربية حيث موطنها الأصلي لذلك شكلت عبر التاريخ وحتى الآن الغالبية العرقية التي حلت في هذه المنطقة وسكنتها ولا زالت. ولم يكن العرب طارئين ولا محتلين لهذه الارض بل هي أحد أوطانهم واماكن اقامتهم سيما أن معنى مصطلح (عربي) في العصور القديمة لم يكن يعني عرقًا من البشر كما يعني اليوم بل هو مصطلح للدلالة على حالة اجتماعية لبعض الساميين الذين عاشوا في المنطقة. فالكلمة في شكلها القديم (عاريبي، عريبي، عاروبو، عريبو ...) وردت في اللغة الاشورية والبابلية كاسم يعني (البدو)، فالعربي بحسب مدلول المصطلح في ذلك التاريخ هو السامي البدوي الذي انتشر في البوادي وعلى حواف المدن مقابل الساميين الذين استقروا واستوطنوا المدن، وهي نفس الحالة التي لا زالت تقسم العرب اليوم إلى قسمين: الحضر، والبدو. لذا عندما حل العرب المسلمون في هذه المنطقة لم يكونوا ضيوفا أو محتلين كما يصور بعض السذج والشعوبيين بل حلوا في أرض اجدادهم البعيدين من العموريين والاراميين، ورافدًا بشريا لأجدادهم الأقربين من عرب اليمن الذين سبقوهم واسسوا مملكتي المناذرة والغساسنة قبيل الاسلام
وإن كان الساميون هم أصحاب الهجرات المتتابعة والأكثر تأثيرًا على بلاد الشام وإن كان الاسلام هو الدين الذي حملته آخر الهجرات السامية وكان الأعمق تأثيرًا عبر الزمان والمكان، فإنه بمقابل الساميين الذين انحدر منهم العرب فإن هناك شعوبًا أخرى كانت بلاد الشام مقصدًا لهجراتها وغزواتها، بعضها كان طارئًا كالرومان والإغريق وبعضها اندثر كالحثيين والحوريين والميتانيين وبعضها تعايش مع المحيط واندمج به وزالت مميزاته العرقية كشعوب البحر (البلست)، وقلة قليلة من الشعوب التي استوطنت الشام حافظت على هويتها وظلت مستمرة في سكن هذه المنطقة إلى جانب العرب ومنها تتشكل الأقليات العرقية التي تعيش في الشام اليوم وهم خمس قوميات أساسية: الاكراد والتركمان والشركس والأرمن والاشوريون. واقليات هامشية. ويشكل كل هؤلاء مع العرب مجموع سكان سوريا البالغ عام 2013 نحو (22.85 مليون)، واعتمادا على نسبة الزيادة السكانية السنوية وهي (2%) فان عدد السكان اليوم هو قرابة (23.5 مليون)[2] بحسب تقرير لوزارة الخارجية الامريكية عام 2009، لكن هذه النسبة تشمل الأكراد والاشوريين وبعض الأرمن وغيرهم من الأقليات التي أعطيت الجنسية السورية وتم اعتبارهم عربًا وهم ليسوا كذلك من الناحية العرقية، فتكون نسبة العرب باستثناء هؤلاء هي بحدود 85%[4] وهي نسبة مقاربة لما جاء في تقرير وزارة الخارجية الامريكية عام 2009[6]. في حين ان وزارة الخارجية الامريكية رفعت نسبتهم إلى 2% من مجموع السكان العام، وهو ما يساوي حوالي 2.5 مليون[8]
الدروز: قبل منتصف القرن التاسع عشر لم يكن هناك دروز في جنوب سوريا حيث اليوم يشكلون غالبية في مدينة السويداء وقد هاجروا الى المنطقة نتيجة حروب قبلية بين اليمنية والقيسية في جبل لبنان ابتداء من عام 1860م. يشكل الدروز نسبة لا تتجاوز 3% من مجموع عرب سوريا وبتعداد لا يتجاوز 250 الفا[10].
الشيعة: حتى فترة الستينيات كانت نسبتهم اقل من 0.5% لكن عمليات التشييع التي مارستها إيران منذ عام 2000 رفعت نسبتهم إلى نحو 2% على حساب الطوائف الأخرى التي تم نشر التشيع بين أبنائها[12]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[2] موقع وزارة الخارجية الامريكية على الرابط التنالي
http://www.state.gov/outofdate/bgn/syria/158703.htm
[4] شبيب، نبيل-الخلفية الدينية والطائفية للوضع السياسي في سوريا-شبكة الجزيرة – المعرفة -الأحد 17/8/1425 هـ -الموافق 3/10/2004
[6] شبيب، نبيل-الخلفية الدينية والطائفية للوضع السياسي في سوريا-شبكة الجزيرة – المعرفة -الأحد 17/8/1425 هـ -الموافق 3/10/2004
[8] قومي، إسحاق- نسبة المسيحيين السوريين واعراقهم- قناة عشتار- على الرابط
التالي: http://ishtartv.com/viewarticle,43344.html
تاريخ الاستخراج ‏الأحد‏، 13‏/أيلول‏/2015
[10] موقع وزارة الخارجية الامريكية على الرابط التنالي
http://www.state.gov/outofdate/bgn/syria/158703.htm
[11] البعث الشيعي في سوريا-ص26

عقيدة وحدة الأديان عند الصوفية... محمد حبش نموذجا







عقيدة وحدة الأديان عند الصوفية... محمد حبش نموذجا

وحدة الاديان هو مصطلح حديث تم اعتماده لتسمية تلك العقيدة التي تشكل احد اركان التصوف، وهو في معناه يعني ان كل الاديان صحيحة ومقبولة

يقول المستشرق نيكلسون: ان من لوازم قول الصوفية بوحدة الوجود قولهم بصحة جميع العقائد الدينية ايًا كانت وان جميع الاديان متساوية وليس الاسلام بافضل من الوثنية

وقد ذكرنا سابقا معنى وحدة الوجود ونعيد التعريف بها اختصار: يقول أصحاب التصوف ان لا حقيقة في الوجود الا الله وكل ما هو موجود هو مظهر من مظاهر الله ولو صح وجود شيئا مع الله لكان ندا لله. وبالتالي فان كل ما هو موجود هو فيض عن ذات الله ، فانا وانت وهو مظاهر لله وابليس وفرعون وهامان مظاهر من مظاهر الله... وعلى هذا تكون وحدة الأديان لازم لا ينفك عن وحدة الوجود فمن اعتقد بوحدة الوجود واجب عليه ان يعتقد بوحدة الاديان
ان الاديان بحسب الصوفي هي طرق متعددة هدفها واحد وهو الوصول الى الله وما دام الهدف مشتركا لجميع الاديان فلا مفاضلة بينها فالايمان والكفر لا خلاف جوهري بينهما وانما هو اختلاف في الظاهر فكليهما يسعى نحو عبادة اله واحد. فاذا كانت وحدة الوجود تقضي ان كل ما في الوجود هو مظهر من الله فان من عبد حجرا عبد مظهرا من مظاهر الله ومن عبد البقرة عبد ايضا مظهرا من مظاهر الله ومن عبد الشمس فقد رأى الله شمسا... والعارف الحق لا يقيد نفسه باي دين ويحكم بخطأ ما سواه وقد قال ابن عربي ابياتا وبعضهم نسبها للحلاج في هذا المعنى:
عَقَدَ الخلائقُ في الإله عقائدا وأنا اعتقدتُ جميعَ ما اعتقدوه
وبحسب ما قاله عبد الكريم الجيلي (الجيلاني) فان دعوى النصارى في تأليه عيسى ليست باطلا بل هي عبادة وخطأ النصارى هو انهم حصروا الالوهية في عيسى فقالوا: عيسى هو الله فضيقوا واسعا، ولو انهم قالوا : الله هو عيسى ما كانوا اخطأوا وكان تقبل منهم
فاذا اتضح المعنى من عقيدة وحدة الوجود والأديان ننتقل الى امثلة عملية من الواقع دأب محمد حبش تلميذ كفتارو وصهره على الترويج لها ونشرها خلال اليومين الماضيين ويريد ان يجعل من عباد البقر والحجر والشجر من الهندوس والبوذيين واهل الكتاب والمسلمين كلهم في بوتقة واحدة لا فرق بينهم. فهو عندما يقول لك: لله طرائق بعدد انفاس الخلائق فهو يترجم عقيدة وحدة الأديان والوجود التي ترى ان أي عبادة يتخذها الفرد هي عبادة لله لانه لا موجود الا الله فان سجدت للبقرة او للكمبيوتر او لمومس فما انت الا ساجد في الحقيقة لله. وعندما يكلمك عن الجنة التي تتسع كل الخلائق فلا تظن انها الجنة التي اعرفها انا وانت بل هي عالم الصفا وهو ان يعود الفرع الى الأصل والفرع هو الخلائق والاصل هو الله الذي فاضوا عنه، فبحسب عقيدة وحدة الوجود فان من هو باسفل الفيض يجب ان يجاهد للوصول الى أعلاه (المنبع = الله) فاذا وصل يكون قد حقق الخلاص وهذا هو في الحقيقة الجنة، والمجاهدة ليست محصورة بطريقة او دين بل هي أسلوب ينتهجه كل فرد بحسب ما يراه لذا تتعدد الطرائق بعدد الخلائق وكلها صحيحة ما دامت تسعى للوصول الى الله ولا شيء في الباطن غير الله يسعى اليه الخلائق وان بدا في الظاهر انهم يقصدون غير الله.
ان كل هرطقات محمد حبش ومن ورائه عمائم الدجل من المروجين لعقيدة وحدة الأديان ينسف اعتقادهم اية واحدة صريحة من كتاب الله، وهو قول الله تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين} وكل من قال بهذه العقيدة اتقادا بصحتها هو كافر ولا كرامة. ومن العجيب ان الصوفية لهم قاعدة تقول: من قال لشيخه: لا. ما افلح. وهم يقولون لله من خلال اعتقادهم بوحدة الأديان: لا في نص من القران صريح واضح لا لبس فيه.
لقد قلتها فيما مضى واعيدها اليوم: محمد حبش زنديق كافر. قال ابن تيمية:
وَبِالْجُمْلَةِ فَلا خِلافَ بَيْنِ الأُمَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِحُلُولِ اللَّهِ فِي الْبَشَرِ وَاتِّحَادِهِ بِهِ وَأَنَّ الْبَشَرَ يَكُونُ إلَهًا وَهَذَا مِنْ الآلِهَةِ : فَهُوَ كَافِرٌ مُبَاحُ الدَّمِ وَعَلَى هَذَا قُتِلَ الْحَلاجُ )اهـ مجموع الفتاوى ( 2/480 )




ْ

العرب في سوريا



العرب في سوريا

ينحدر العرب الناطقين باللغة العربية الفصحى الذين يقطنون الشام من ثلاث هجرات متتابعة لعرب الجزيرة العربية الذين هاجروا الى الشام على فترات متقطعة
كانت أولى هذه الهجرات لتنوخ وقضاعة وسليح والأزذ (الغساسنة) منذ القرن الثالث الميلادي. فانتشرت تنوخ شمال بلاد الشام في حين انتشرت قضاعة وسليح في الجنوب قبل ان تهاجر قبائل الأزد من اليمن بعد حادثة انهيار سد مأرب فحل الأزد في الجنوب ونافسوا قضاعة وسليح واسسوا دولة الغساسنة التي استمرت حتى الفتح الإسلامي. ومعظم القبائل التي سكنت الشام قبل الفتح الإسلامي كانت يمانية من قحطان.
الهجرة الثانية للقبائل العربية الى الشام والتي كان لها أعمق الأثر على التركيبة السكانية حتى اليوم هي الهجرة التي حدثت خلال الفتح الإسلامي والتي انهت الوجود الروماني في بلاد الشام ونشرت الدين الإسلامي واللغة العربية بلهجتها الحميرية (الجنوبية) فقد كانت غالب القبائل التي حلت في الشام بعد الفتح هي من قبائل اليمن من كلب وحمير ولخم وجذام والأزذ... وعلى هذا العنصر من القبائل اليمانية قامت الدولة الاموية.
الهجرة الثالثة للقبائل العربية الى بلاد الشام هي هجرة القبائل العربية الشيعية من نجد في القرن الرابع الهجري وكانت كل هذه القبائل من القبائل القيسية العدنانية مثل هلال وسليم وكلاب ونمير وعمير ... والتي نتج عنها سيادة اللغة العربية الشمالية وانتشار التشيع في بلاد الشام في ذلك العصر وتفتيت بلاد الشام الى ممالك عديدة شيعية المعتقد كالدولة الحمدانية والمرداسية والعقيلية والقرامطة والفاطميين... قبيل اجتياح السلاجقة التركمان للمنطقة.
وخلال القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلادي حدثت هجرات محدودة لبدو نجد باتجاه شرق الشام (الرقة- دير الزور- الحسكة) نتج عنها توطن بعض القبائل النجدية مثل شمر وعنزة في تلك المناطق
والى جانب ما يمكن ان نعتبرهم عربا اصليين يعودون بأصولهم الى المهاجرين من الجزيرة العربية فان الناطقين باللغة الآرامية فيما قبل الفتح الإسلامي وبعده مضافا إليهم الكثير من الأعراق الأخرى التي استوطنت الشام قد استعربوا مع الزمن وصاروا بحكم اللسان العربي عربا دون ان يكون هناك قاعدة يمكن ان تميز العربي الأصلي عن المستعرب، ويشكل هؤلاء كلهم مجتمعين عرب سوريا الذين نسبتهم مقارنة بعدد السكان الكلي 90 % بحسب تقرير لوزارة الخارجية الامريكية عام 2009، لكن هذه النسبة تشمل الاكراد والاشوريين وبعض الأرمن وغيرهم من الأقليات التي أعطيت الجنسية السورية وتم اعتبارهم عربا وهم ليسوا كذلك من الناحية العرقية، فتكون نسبة العرب باستثناء هؤلاء هي بحدود 85% ، أي ما يساوي 20 مليون تقريبا يشكل المسلمون السنة غالبيتهم، ثم يأتي بعدهم العلويون ثم المسيحيون ثم الدروز ثم الاسماعيليون، وفق النسب التالية:
العرب السنة: تجعل دراسة تعود لعام 2003 نسبتهم 70% من مجموع العرب وهي نسبة مقاربة لما جاء في تقرير وزارة الخارجية الامريكية عام 2009 لكن من خلال النسب شبه المتعارف عليها للطوائف الأخرى فان العرب السنة تصل نسبتهم الى 80%، بتعداد قدره 16 مليون،
العرب العلويون: ويشكلون ما نسبته بين 8-9% من نسبة العرب بتعداد اقل من 2 مليون نسمة . في حين ان وزارة الخارجية الامريكية رفعت نسبتهم الى %12من مجموع السكان العام وهو ما يساوي حوالي 2.5 مليون ، ويشمل هذا العدد كلا من الشيعة والعلويين.
العرب المسيحيون: يشكلون ما نسبته 6% من مجموع العرب بتعداد قدره 1.25 مليون
العرب الدروز: يشكلون نسبة لا تتجاوز 3% من مجموع العرب وبتعداد لا يتجاوز 250 الفا . لكن وزارة الخارجية الامريكية ترفع تعدادهم الى نصف مليون .
الشيعة العرب: حتى فترة الستينيات كانت نسبتهم اقل من 0.5% لكن عمليات التشييع التي مارستها ايران منذ عام 2000 رفعت نسبتهم الى نحو 2% على حساب الطوائف الاخرى
العرب الاسماعيليون: وهم اقل الأقليات الدينية العربية ولا يوجد نسبة مؤكدة لتعدادهم ولكنهم لا يتجاوزون نسبة 1%.
سيتتم في الفصل الخاص بالاقليات الدينية تناول كل طائفة بشكل منفصل ومناقشة جملة الأمور التي تخصها ومنها الاعداد والتوزع الجغرافي.

احجار الشطرنج

احجار الشطرنج الرافضية:

ان الدارسخ لتاريخ الحركة الطائفيةفي سوريا يجد نقاط تشابه قوية مع الحركة الصهيونية ،غير ان الحركة الطائفية السورية كان لها مشروعها في السيطرة على سوريا ثم تحولت بعد احكام هذه السيطرة بانقلاب حافظ المشؤوم الى حركة طائفية على مستوى المنطقة تهدف الى ايجاد مناطق نفوذ في الدول المجاورة من خلال شخصيات و جماعات تتلاقى معها في الخلفية الطائفية بحيث تصبح اللعبة السياسية في المنطقة شبيهه برقعة الشطرنج يكون فيها هذا النظام في موقع الملك و باقي التجمعات و الشخصيات المرتبطة به كأحجار الشطرنج المتوزعة على الرقعة و التي يحمي بعضها بعضا و تحمي جميعها الملك من السقوط
بعد ان احكم حافظ السيطرة على حكم سوريا و في الوقت الذي كان يوطد فيه حكمه في الداخل بدأ بعمليه ايجاد موطئ قدم له في لبنان و بحسب الخاتمه نعلم انه اطاح بكل الحركات السياسية و الدينية الموجودة في لبنان و اوجد فوضى منظمة و تحت ادارته من خلال الحرب الاهلية اللبنانية التي كان هو محركها لايجاد فراغ يسمح له بدخول قواته الى لبنان منذ عام 1976،و في لبنان كان قد وصل اليه منذ الستينات رجل ايراني موفدا من الشاة لايجاد موطيء قدم لايران في لبنان عن طريق استنهاض الشيعة هناك ،هذا الشخص هو موسى الصدر الذي اعطي و بشكل استثنائي الجنسية اللبنانية و بدأ مشروعه في النهوض بشيعة لبنان و جعلهم قوة فاعلة في الساحة اللبنانية و نال الدعم من حافظ و من ياسر عرفات الذي قامت منظمته بتدريب العناصر الشيعية التي ستشكل عماد حركة امل بقيادة اللص و رئيس العصابة نبيه بري ،و في هذه الاثناء حدثت الثورة التي اطاحت بالشاة و جاءت بالخميني و الملالي لحكم ايران العلمانية و التي اصبحت دولة دينية شيعية بامتياز و كان حافظ اول من اعترف بها و ارسل عبد الحليم خدام للتهنئة بهذا الحدث ،وفي الوقت الذي كانت قد تأسست حركة امل و نجح موسى الصدر بانشاء المجلس الشيعي الاعلى في لبنان و نجح الخميني باحكام قبضته على حكم ايران قام موسى الصدر بزيارته الشهيرة الى ليبيا بتذكرة ذهاب دون اياب ،و كانت التكهنات ان القذافي قتل الصدر بتعليمات من حافظ و الخميني و كما يقول صاحب كتاب حقيقة المقاومة فان موسى الصدر شكل نمطا من الوجود الشيعي غير المناسب لتطلعات الطائفيين الخميني و حافظ فهو من جهة كان يمثل الشاه في لبنان و من جهة اخرى كان تحركه سياسيا اكثر مما هو ديني فهو نجح ببعث القوة الشيعية و لكن القوة السياسية الشيعيةالفاعلة في الساحة اللبنانية و هي حركة امل كانت شيعية بكوادرها و لكنها ذات توجه علماني فكان لا بد من التخلص من هذا النهج لصالح نهجا اكثر راديكاليتا و ارتباطا بولاية الفقيه التي لم يكن الصدر يؤمن بها على ما يبدو فتم التخلص منه لافساح المجال لشخصيات مناسبة مرتبطة بولاية الفقيه ،و تبع هذا التخلص منه انشقاق عدد من قيادات و كوادر امل و هم الذين اسسوا حزب الله تحت راية ولاية الفقيه و اصبح هناك قوتان شيعيتان في لبنان و كان البعد الطائفي لسياسة حافظ يظهر كلما تصارعت امل مع اي فصيل على الساحة اللبنانية من خلال الدعم لها و عندما اصطدمت بحزب الله تم دعم حزب الله ليحقق نصرا عليها دون ان يقضي عليها و لكن ليحدد اولوية الصوت الشيعي في لبنان، والذي حدث في نهاية الحرب اللبنانية الاهلية انه تم تصفية جميع القوى الفاعلة في الساحة اللبنانية و خرجت الحركات الشيعية (امل و حزب الله) فقط منتصرة و تحددت هوية لبنان بحسب من يملك القوة لصالح الشيعة و تحت ستار المقاومة ،و تشكلت احدى احجار الشطرنج التي تدين بوجودها و قوتها و حمايتها لحافظ و ايران ،و تعتبر بالنسبة لنظام سوريا احدى نقاط الدفاع عن وجوده لان وجودها من وجوده...

حزب الله


حزب الله

المشكلة هي ان وعي الامة وفهمها ومواقفها من شتى الامور رهن بمشيئة من يحكمها ورغباته، حكاية حسن كمثال، بالامس كان الشاطر حسن، واليوم صار الداعر حس، وحسن الامس وحسن اليوم هو نفسه كما ان مباديء حزب الله الذي تأسس مطلع الثمانينيات هي نفسها مبادئه اليوم.
ان وجود حزب الله في لبنان كان بموافقة من الجميع من العرب والعجم والسنة والشيعة وهو جزء من اتفاق الطائف الذي قسم النفوذ بين ايران والسعودية في لبنان، و بما أنه كان من نتائج الحرب الاهلية اللبنانية اضمحلال القوة السنية اتلعسكرية تماما مع وجود شبه غالبية سنية في لبنان فكان لا بد من ملئ الفراغ السني بقوة كرتونية تمنع ظهور قوة حقيقية للسنة تملأ الفراغ الذي تركته الحرب على المجتمع السني، فاصطنعوا لذلك رفيق الحريري و هو مقاول نساء و مباني يحمل الجنسية السعودية ارسل إلى لبنان و تم دعمه ماديا و إعلاميا ليظهر بانه حامي الحمى بالنسبة للسنة و في الحقيقة كان الحريري مرحلة للتعمية على مشروع تمكين الشيعة من مفاصل الدولة اللبنانية كلها. وفي الظاهر كانت إيران تقدم 100 مليون دولار شهريا لحزب الله وكذلك كانت السعودية تقدم مثلها للحريري غير أن أموال إيران كانت تذهب للتسليح والتنظيم بينما أموال السعودية تذهب للكماليات (مراقص وملاهي وبنية تحتية كما اسموها)...
اليوم يكتشفون ان ولاء حزب اللات هو لايران، والنظام الداخلي للحزب الذي كتب قبل اعلان الحزب يقول: ان حزب الله جزء من ولاية الفقيه ويأتمر بأمر الولي الفقيه الخميني ولا يعترف بدولة لبنان كما ذكر في بيانه التأسيسي عن عقيدته: ( نحن أبناء أمة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران وأسست نواة دولة الإسلام المركزية في العالم... نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة وعادلة تتمثل بالولي الفقيه... ويتولى كل واحد منا مهمته الجهادية وفقا ً لتكليفه الشرعي في إطار العمل بولاية الفقيه القائد... ولا نخفي إلتزامنا بحكم الإسلام، وندعو الجميع إلى إختيار النظام الإسلامي الذي يكفل وحده العدل والكرامة للجميع... ونواجه النظام القائم في لبنان لكونه صيغة الإستكبار العالمي وجزءا ً من الخارطة السياسية المعادية للإسلام، ولكونه تركيبة ظالمة في أساسها لا ينفع معها أي إصلاح أو ترفيع بل لابّد من تغييرها منجزورها".
فهل كانوا لا يعلمون حقيقة حزب الله فيما مضى واليوم اكتشفوها، ام ان مصالح اولي الامر اقتضت السكوت فيما مضى، كما اقتضى اليوم منها الكلام؟
يقولون: ان تأتي متأخرا خير من ان لا تأتي...
في الرابط التالي مفصل عن تركيبة حزب الله ونظامه:

الجزيرة الفراتية والاكراد



الجزيرة الفراتية:
ما يدعيه الاكراد من ارض قومية لهم هي ارض واسعة تمتد في ثلاث دول اليوم وتشمل كل المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات وتمتد حتى ارمينيا وتضم المناطق على جانبي الفرات ودجلة فهي تشمل ثلث مساحة سوريا، وربع مساحة العراق ونصف مساحة تركيا (تقريبا)
كان يطلق على هذه المنطقة في الجغرافية التاريخية اسم (الجزيرة) سكنتها القبائل العربية منذ ما قبل الاسلام وانقسمت الى ثلاثة اقسام في العصر الاسلامي بحسب القبائل العربية التي استوطنتها، فسمي القسم الجنوبي الشرقي منها باسم ديار ربيعة واشهر القبائل التي استوطنتها قبيلة تغلب، اما القسم الشمالي الشرقي فيسمى ولا زال باسم ديار بكر نسبة لقبائل بكر بن وائل، وما بقي من الجزيرة وهو القسم الغربي فيسمى ديار مضر واشهر القبائل التي انتشرت فيها قبائل عامر بن صعصعة كبني نمير وبني كلاب وقشير... واشهر مدن ديار مضر الرقة وحران
انه ما من شيء يربط الاكراد بتلك المنطقة سوى دعاوي مزيفة لا يقوم عليها دليل فلا تاريخ المنطقة ولا المعالم الجغرافية واسمائها التي استمرت حتى اليوم لها علاقة بالاكراد بل مرتبطة بالعرب اكثر من اي قومية اخرى، والى اليوم لا زالت بقايا القبائل العربية القديمة لها وجود وجذور هناك لا سيما قبائل قيس. وخلال العصور الاسلامية فان تاريخ منطقة الجزيرة ارتبط بالقبائل العربية بشكل وثيق وكانت لهم دول عديدة كالحمدانية والمرداسية والعقيلية وكان النميريون ملوك حران والرقة في الوقت الذي لم يكن يذكر الاكراد الا صدفة عندما يقومون بالنهب والسلب وقطع الطريق تحت رعاية وحماية بني بويه الشيعة
فاذا كانت الدعاوى القومية في منطقة ما بهذه السهولة التي يدعيها الاكراد فالننا نطالب باسبانيا وجنوب ايطاليا وكل جزر المتوسط وسمرقند وخوارزم وايران وخراسان كلها... فالرابط التاريخي والديني والحضاري بين هذه المناطق والعرب لا زال قائما
فاما ان تكون دولة اسلامية واحدة تضم الجميع والا فان كانت قومية فهذه المناطق عربية ونحن احق بها وللاكراد الحجر

عن المناذرة والغساسنة


عن الغساسنة والمناذرة

بتأثير المصادر التاريخية الاسلامية التي كتبت عن العصر الجاهلي والتي ارادت ان تظهر الفرق بين الاسلام وما قبله فقد بثالمؤلفون في حديثهم عن العصر الجاهلي نظرة سلبية عن العرب وما يعنيهم قبل الاسلام، فمدحوا الاسلام من خلال اظهار مثالب ما قبله، فاصبحنا نحن العرب عندما نتكلم عن تاريخنا فيما قبل الاسلام نتكلم بازدراء علما ان حال العرب قبل الاسلام هو افضل بكثير من حال غيرهم ولا يعقل ان الله تعالى قد اختار خير الدين وخير الرسل وخير الاتباع وجعلهم في شر الامم... وما يقال عن عرب الجزيرة العربية في تشويه الصورة والتاريخ يقال ايضا عن عرب الشام والعراق فنجد ان المصادر والمراجع التاريخية تعطي صورة سلبية للعرب الذين سكنوا العراق والشام والجزيرة قبل الاسلام على انهم كانوا العوبة بيد الفرس والروم وتظهر الامر كما لو ان العرب كانوا كرة يتقاذفها الفرس والروم فيما بينهم، والحقيقة انه هناك سوء فهم واسقاط لمعطيات الحاضر على الماضي بشكل لا موضوعي وليس مطابقا للواقع الماضي
لقد كان نهر الفرات حدا فاصلا بين الامبراطوريتين الفارسية والرومانية وكانت المناطق الحدودية بين فارس والروم وهي العراق العربي والشام مناطق صدام دائم وتنازع ولم يكن بامكان ساكنب هذه المناطق وهم العرب ان يقفوا على الحياد كما لم يكن بامكانهم ان يكون لهم كيانهم السياسي المستقل بسبب وقوعهم في منطقة نزاع عالمية اضافة لانعدام الوحدة الاجتماعية التي سببتها الانتماءات القبلية، ورغم هذا فان العرب لم يكونوا تبعا للفرس او الروم، فلو كان عرب العراق تبعا للفرس لكانوا اعتنقوا الزرادشتية بينما الواقع يقول ان عرب الحيرة ملوك العراق حلفاء الفرس كانوا نصارى. ومن اعتنق النصرانية وهم غالب العرب في الشام والعراق لم يعتنقوها بسبب تبعيتهم للروم لانه في زمن تحول القبائل العربية الى المسيحية لم يكن الروم بعد قد اعتنقوا المسيحية ونبذوا الوثنية، وهم -اي نصارى العرب- عندما ساندوا الروم في حروبهم ضد الفرس بعد تحول الروم الى النصرانية فانهم ساندوهم بدافع الولاء الديني لان كليهما على نفس الدين وليس لانهم تبعا او خدما للروم. وقد بقي نصارى العرب موالين لبيزنطة بعد الاسلام بدافع ديني وكان الذي تحايل على مسلمة بن عبد الملك ليفك الحصار عن القسطنطينية هو شخص يرجح ان اصله عربي نجح في فك الحصار ودخل القسطنطينية وتوج امبراطورا عليها باسم ليون الثالث الايسوري، وقد اسس سلالة حاكمة حكمت بيزنطة لعدة قرون، وكان نقفور فوكاس صاحب القصة المشهورة مع هارون الرشيد من نسل الغساسنة، فكيف يكون من هذا حاله تابعا للروم؟ 
لقد حارب المناذرة الى جانب الفرس وحارب الغساسنة الى جانب الروم من منطلق مصلحة اكثر منه ولاء او حربا بالوكالة، فعبور الروم نهر الفرات الى العراق كان يعني سقوط دولة المناذرةلذا دافع المناذرة عن مملكتهم وان بدا هذا الدفاع في بعض جوانبه قتال مع الفرس، ونفس الامر بالنسبة للفساسنة فقد قاتلوا الفرس مع الروم دفاعا عن مملكتهم التي ستنهار لو عبر الفرس الفرات الى الشام، اضق الى ان هناك سبب ديني اجج نزاع المناذرة والغساسنة وهو اختلاف الكنيسة التي يتبع لها كل طرف، فالمناذرة كانوا نساطرة والغساسنة كانوا يعاقبة
ان بقاء العرب في الشام والعراق محافظين على هويتهم ووجودهم بين قوتين متصارعتين مختلفتين عرقيا ولغويا لهو من اهم الادلة على ان العرب لم يكونوا تبعا لاحد اذ لو كانوا تبعا لاندمجوا وذابوا بين الفرس والروم كما حدث لشعوب كثيرة في اوربا واسيا، ويشهد التاريخ الجاهلي انه كثير ما تمرد العرب على الفرس والروم وواجهوهم عسكريا فقد حارب بنو اياد في الجزيرة الفراتية الفرس وقتلوا منهم ايام سابور الثاني الذي لقب بذي الاكتاف بسبب ما فعله ببني اياد، وحارب بنو شيبان الفرس في ذي قار المعركة المشهورة قبيل الاسلام.... فالامر لم يكن مطلقا بتلك الصورة السلبية التي تصور عرب الجاهلية

نبذة عن نشأة التصوف وعلاقته بالفرق الباطنية

نبذة عن نشأة التصوف وعلاقته بالفرق الباطنية:

خلال العصر الهلنستي (333 – 30 ق م) الذي ابتدأ في الشرق بغزو الإسكندر المقدوني وانتهى مع الغزو الروماني وسقوط السلوقيين في سوريا والبطالمة في مصر، فقد طبع الإغريق المنطقة بطابع حضاري توافقي شمل كل نواحي الحياة فزاوجوا بين الموروث الحضاري الإغريقي والموروث الحضاري الشرقي فنشأ على الصعيد الديني نتيجة ذلك تيار ديني مازج بين العقائد الشرقية القديمة وعقائد الإغريق وفلسفات أرسطو وفيثاغورث وأفلاطون وأفلوطين، وقد عُرف هذا التيار باسم (الهرمسية) نسبة لشخصية أسطورية أو حقيقية اسمها هرمس ينسب اليه أتباع الهرمسية أصولهم الفكرية والاعتقادية. وقد ظهرت الهرمسية ابتداء في الإسكندرية لكنها انتشرت خارج مصر لاسيما فلسطين وأثرت في الحالة الدينية لليهود أولًا ثم للمسيحيين بعد ظهور المسيحية، ومن تلاقي الهرمسية مع اليهودية والمسيحية ظهر تيار آخر هجين يطلق عليه الباحثون المعاصرون اسم (الغنوصية) وهي كلمة إغريقية الأصل تعني (المعرفة) لأن أتباعه انتهجوا طريق المعرفة أو العرفان (معرفة الله) على اسس فلسفية للوصول إلى الخلاص دينيًا بدل العمل بظاهر النصوص الدينية التي تنتهج طريق العمل والعبادة والأوامر والطاعات
خلال القرن الأول الميلادي وما تلاه تعرض الغتوصيون لحملات الملاحقة والمطاردة من قبل الكنيسة المسيحية والدولة البيزنطية التي اعتبرتهم زنادقة كفار فهرب الكثير منهم نحو بلاد فارس والعراق حيث لا سلطان لبيزنطة والكنيسة هناك فانشأوا تجمعات لهم في جنوب العراق والمدائن عاصمة الفرس كان لها اثرها على الديانة السائدة في فارس في ذلك الوقت وهي الزرادشتية فنشأ فيها بفعل الغنوصيين تيار غنوصي زرادشتي تبلورت أفكاره واصوله على يد ماني مؤسس الديانة المانوية التي زاوجت بين المسيحية الغنوصية والزرادشتية.
عندما حل المسلمون في العراق بعد القادسية وهزيمة الفرس كان اول لقاء بين الإسلام والمانوية، ورغم ان المسلمين اسسوا مدنا خاصة لهم ولم يتخالطوا مع السكان الأصليين ابتداء الا ان موقع مدينتي البصرة والكوفة كان قريبا بما يكفي من مراكز المانوية والصابئة ليختلط أولئك بالمسلمين على اطراف تلك المدن او داخل المجتمع المسلم بعد ان اظهروا الإسلام وارتبطوا مع القبائل العربية برابطة الولاء التي نتج عنها ما يعرف في التاريخ الإسلامي باسم الموالي وهم الفرس الذين اسلموا وانتسبوا لاحدى القبائل العربية برابطة الولاء وليس الدم.
لقد كان العرب الذين سكنوا الكوفة والبصرة هم بغالبيتهم من المرتدين السابقين فرضت ظروف الحرب مع فارس على عمر بن الخطاب إعادة استخدامهم في الجيش بعد ان كانوا ممنوعين من ذلك لذلك كان مجتمع الكوفة والبصرة هو خليط من عرب الردة السابقين ومن الفرس الذين اسلموا او ادعوا الإسلام ظاهرا وبقوا على دين الإباء: الزرادشتية والمانوية لذا لم يكن غريبا ان يكون هذا الوسط هو الذي نشأت فيه الغنوصية الإسلامية الأولى التي كان عبد الله بن سبأ اول من جاهر بمعتقداتها عندما نادى بألوهية علي بن ابي طالب ثم اتسعت لاحقا وشكلت تيارات ومذاهب عرفت في القرن الثاني الهجري باسم (الزنادقة) ثم صار يشار لها في القرن الرابع الهجري باسم الفرق الباطنية
ان كلمة الزندقة مأخوذة من اسم كتاب المانوية المقدس (زندافستا) وهو الاسم الذي اطلق على المجموعات الغنوصية الإسلامية الذين اظهروا الإسلام وابطنوا المانوية ومن هؤلاء نشأ تياران:
تيار صبغ زندقته بصبغة التشيع وهو الذي لوحق وتم البطش به ابتداء من خلافة أبي جعفر المنصور وابنه المهدي بسبب دعاويه السياسية والدينية ومطامعه في الحكم والسلطة فقتل من اتباعه عبد الله بن معاوية وابن المقفع وبشار بن برد وعبد الكريم بن ابي العرجاء وأبو الخطاب محمد بن ابي زينب ... وفي كل ضربة يتلقاها من قبل السلطة الحاكمة كان اتباعه يتشظون وينقسمون الى فرق غالبها كان يندثر وبعضها القليل استمر ولا سيما اتباع الإسماعيلية والنصيرية الذين بقوا الى يومنا.
التيار الثاني في الغنوصية الإسلامية كان تيارا انتهج أسلوب الزهد في ظاهره وانعزل اتباعه عن الشؤون العامة ولم تكن لهم اهتمامات بالسياسة والحكم -باستثناء الحلاج واتباعه- لذلك نما هذا التيار بعيدا عن الضوء ولم يلاقي ما لاقه الزنادقة الشيعة لا سيما ان ولاية اهل البيت لم تكن جزء من اعتقاده مثل الزنادقة الشيعة، لذلك حسب على اهل السنة على عكس التيار الأول الذي حسب على الشيعة... اضف الى ان الزندقة الصوفية المحسوبة على اهل السنة لم تظهر الا في وقت متأخر مقارنة بالزتدقة الشيعة فاول من جاهر بزندقته القائمة على عقيدة الحلول والاتحاد كان أبو يزيد البسطامي في أواسط القرن الثالث الهجري في حين ان اول حركات الزندقة الشيعية ظهرت منذ القرن الأول لذلك سلط عليها الضوء وكتب عنها اكثر مما سلط وكتب حركات الزندقة الصوفية
اطلق على الغنوصية المحسوبة على اهل السنة اسم (الصوفية) وهو اسم اختلف الصوفية انفسهم في معناه فنسبه البعض الى الصوف لانهم كانوا يلبسون الصوف بدافع الزهد والتقشف. بينما قال اخرون مشتق من اسم اهل الصفة وهم جماعة من الصحابة كانوا زهادا في الحياة. ولكن قد يكون المصطلح جاء من كلمة (الصفا) وهو مصطلح مشترك بين كل الفرق الباطنية فعند الإسماعيلية وجد اخوان الصفا، وعند النصيرية يوجد عالم الصفا (الجنة) والصوفية في نهاية طريق السالك الهدف هو الوصول الى الصفا ...
يقسم الدارسون للتصوف هذه النحلة الى اقسام بحسب تطورها، فيقولون بدأت حركة التصوف على شكل نزعة للزهد نشأت في البصرة في القرن الثاني الهجري كان روادها الحسن البصري وإبراهيم بن الادهم والسري السقطي... ثم تطورت وانشقت الى تصوف إسلامي يعتمد الكتاب والسنة –بزعمهم- كتصوف ابي حامد الغزالي. وتصوف يعتمد الفلسفة الاغريقية كتصوف البسطامي والحلاج والسهروردي وابن عربي... ولكن ما يبدو في الواقع العملي اليوم ان لا فرق بين من يدعي التصوف الإسلامي ومن يدعي التصوف الفلسفي فكلاهما يقتبس ويعتقد بما اعتقده أصحاب التصوف الفلسفي من عقائد في وحدة الوجود والحقيقة المحمدية ووحدة الأديان ... وهي أصول مشتركة عند اتباع العقائد الباطنية كلها مما يجعل من تقسيم التصوف الى إسلامي وفلسفي هو ضرب من التنظير المخالف للواقع، فالتصوف كله فلسفي إضافة الى ان التصوف الذي يسمونه إسلامي –ان صح وجوده- هو بدعة ما انزل الله بها من سلطان لا في كتاب ولا سنة بل هو وافد على هذا الدين.

الداروينية

الداروينية:

نظرية داروين التي شرحت نظرية الخلق، كنا قد درسناها ضمن مادة تسمى ما قبل التاريخ، وهم يعتمدونها كحقيقة تفسر كيف جاء الانسان وانه جاء تطورا عن فصيلة من القرود لكي لا يقولوا ان هناك اله خلق، وان الانسان مخلوق من طين.... وهذا ما يدرس عموما في كل الجامعات انطلاقا من المنهج الاوربي الذي يفصل الدين عن العلم
تفترض نظرية التطور لداروين ان الحياة جاءت صدفة في احدى المستنقعات ومن الخلية الاولى التي تشكلت بفعل الطبيعة جاءت كل الكائنات وخلال نشوء الكائنات كان بعضها ينقرض لعدم قدرته على ملائمة الظروف وبعضها يطور من امكانياته لمسايرة المتطلبات ومن خلال تطوره يحدث التحول من حيوان ادنى الى اعلى بمواصفات مختلفة لذلك مثلا انقرضت الديناصورات لانها لم تستطع ان تتكيف مع التغيرات المناخية بينما استمر انواع اخرى لانها تكيقت وطورت اليات البقاء وضمن هذه الفرضية تطور احد القرود وطور من امكانياته حتى صار يمشي منتصبا وصار له عقل... حدث كل هذا خلال مليارات السنين
نظرية التطور وخاصة الجزء المتعلق بالانسان تناقض القران بلا شك فنصوص الكتاب واضحة بلا لبس ان الانسان جاء خلقا ولم يأت تطورا(خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار فبأي آلاء ربكما تكذبان)
( ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون )
في الحقيقة فان داروين عندما عرض نظريته على العموم كانت مثار سخرية في الاوساط العلمية حتى ان احد المختصين الذين ناقشوا داروين قال له: اريدك ان تشرح لنا من اي فصيلة من القرود جاء ابوك؟ والثنائي الوحيد اللذات تلقفى نظرية داروين وطارا بها كان كارل ماركس وانجلز، فقد دخل انجلز الى كارل ماركس حاملا تلك الصحيفة التي نشرت الداروينية وهو يقول: لقد وجدتها، وقرأ كارل ماركس النظرية وتبسم فقد كانت ضالته لاثبات تظريته الاجتماعية الاقتصادية التي سميت بالشيوعية، فكارل ماركس افترض ان تاريخ البشرية كان صراعا اقتصاديا- اجتماعيا اوصل الانسان الى الراسمالية، فكما ان الرأسمالية تطورت عن النظام الاقطاعي فيجب حسب هذا المبدأ ان تكون الاشتراكية تطورا عن الراسمالية، وكما ان اتباع النظام الاقطاعي الذين لم يستطيعوا ان يتلاءموا مع البرجوازية ويطوروا انفسهم قد اندثروا فكذلك فان البرجوازية ستندثر اذا لم تستطع ان تتلاءم مع التطور الذي سيوصل الانسان الى الشيوعية.... كان هذا الطرح النظري كارثة فيما بعد عندما طبقه الشيوعيون ايام ستالين في الاتحاد السوفييتي وطبقه ماو في الصين وطبق في كل الدول الاشتراكية فسقط نتيجته الملايين الذين قتلهم ستالين وماو بحجة الداروينية فهم مخلوقات لم تستطع التكيف مع النظام الجديد فيجب ان ينقرضوا كما انقرضت الديناصورات التي لم تستطع التكييف

ان الداروينية هي سلعة يهودية في اصلها وصاحبها كان يهوديا وهي تتلاقى مع الفكر اليهودي الغنوصي الذي يؤمن بالتناسخ والتماسخ والانسان بزعم اولئك هو نوع من المسخ نزل الى الارض بهذه الصورة عقابا له، ووفق نظرية المسخ الباطنية فان المسخ قد يهوي بالانسان ليكون قردا او حمارا او اي حيوان ثم قد يرتقي هذا الحيوان ليكون انسانا وصولا الى الخلاص التام والعودة الى الاصل والمنبع الذي جاء منه (الله) ضمن وحدة الوجود الدينية التي استبدلها سبينوزا اليهودي بوحدة الوجود المادية للعلمانيين ولا فرق بين الثنتين الا بالمسميات، فالموضوع كله عبارة عن تطور يصل بالانسان الى الذروة او انحدار يصل به الى القاع والاندثار
ان جميع اصحاب الفكر الشاذ الذي تم ترجمته الى نظريات من مثل الداروينية والفرويدية والماركسية هم يهود ومحسوبون على المدرسة الصوفية الباطنية اليهودية المعروفة باسم القبالة التي تمثل نواة الماسونية
ان اولئك المتكلمين والمناصرين لنظرية التطور لا يعون ابعادها وما ممكن ان تجلبه على البشر عموما فيما لو اصبحت حقيقة معمول بها كما عملت بها الشيوعية، فيستطيع كل صاحب اديولوجيا ان يعلن ان نظريته هي اخر التطور ومن لم يستطع الاقتناع بها ومواكبتها يجب ان ينقرض
يستطيع اهل الفقه والشرع عموما ان ينكروا نظرية التطور بما عندهم من ادلة صريحة في الكتاب والسنة، ولكن العجب العجاب ان يصبح اولئك انصارا مدافعين عنها وراسمال احدهم الفقه او الحديث ، فاثبات نظرية التطور ليست من مجال علوم الشرع واهل الفقه والحديث بل هي نظرية تناقش على مستوى علم التاريخ والجيولوجيا والانثربيولوجيا... فنفي النظرية امر بسيط من الكتاب والسنة لكن اثباتها ليس من اختصاص اهل الكتاب والسنة سيما انها تناقض الكتاب والسنة، وبكل بساطة فان هذا المتكلم من اهل الفقه ان صحت نسبته لهم ان تعدى اختصاصه يجب ان يلقم الحذاء، فكما انه لا يجوز للطبيب ان يتكلم في دقائق المسائل الخاصة بالفقه، فيجب على ذلك المتفيقه ايضا ان يلزم حده ولا يتكلم في الطب وقس على ذلك

الاثنين، 25 يوليو 2016

العقيدة النصيرية بين قدامى النصيريين والمعاصرين



العقيدة النصيرية بين قدامى النصيريين والمعاصرين


مقدمة

كان الداعي لهذا المقال هو كثرة الاسئلة والاستفسارات وأحيانا الاعتراضات حول أنه هل النصيرية القديمة هي نفسها المعاصرة؟ أو قول البعض من المشككين إن مجمل عقائد النصيرية كتاليه علي بن أبي طالب وانكار البعث والنشور والنسخ والمسخ ... هي أمور قد تجاوزتها النصيرية الحديثة وتخطتها ولم يعد أحد من المحدثين يقول بها مستندين في ذلك إلى البحوث والكتابات التي وضعها النصيريون المعاصرون يدافعون فيها عن أنهم ما هم سوى طائفة شيعية تعتمد الفقه الجعفري وتوالي آل البيت وكل ما ينسب لها من عقائد غالية هي تدليس وأكاذيب يروجها الخصوم للإساءة لهم وتنفير المسلمين منهم وتكفيرهم.
وفي الحقيقة فإن أعلام النصيرية المحدثين وكثير من الشيعة وبعض المنتسبين إلى أهل السنة نجحوا خلال الخمسين سنة الماضية في تضليل أهل السنة بشكل خاص حول حقيقة اعتقادهم  فقد ركزوا اهتمامهم و شرعوا في تأليف الرسائل و الكتب والحصول على فتاوى شيعية أو سنية تظهرهم لعموم الطوائف الأخرى بانهم فرقة شيعية لا تختلف عن الشيعة في شيء، و نشير هنا اختصارا إلى بعض تلك الحملات الدعائية التي نفذها النصيريون لتسويق طائفتهم بين الاديان و الطوائف الأخرى ليلقوا القبول بينها و يشتتوا انتباه الناس عن حقيقتهم الدينية والتي استخدموا لها عمائم شيعية وسنية إضافة لأقلام نصيرية:
1.      المؤلفات والنشرات والفتاوى الشيعية التي أطلقها عمائم شيعية (عبد الحسين شرف الدين، محسن الأمين العاملي، موسى الصدر، محسن الحكيم، حسن مهدي الشيرازي...) منذ مطلع القرن العشرين والتي سوقت النصيريين على أنهم من اتباع المذهب الجعفري ولا يختلفون عن الشيعة في الأصول والفروع،
2.      فتاوى للمنتسبين إلى السنة نسبت العلويين إلى الإسلام منها على سبيل المثال فتوى أحمد كفتارو بان حافظ الأسد مسلم وفتاوى أخرى تصب في نفس الموضوع والفكرة لعمائم سنية أخرى
3.      المؤلفات النصيرية المكتوبة لأهل الظاهر (غير العلويين): ويأتي على رأسها كل الانتاج المطبوع الذي ألفه عبد الرحمن الخير والذي يبدو منه أن الخير كان كبيرهم الذي تولى عملية التلميع للطائفة ابتداء من حكم حافظ الأسد، يضاف له ما كتبه هاشم عثمان وعزيز إبراهيم ...
إنه من الدلائل الواضحة الصريحة على أن العقيدة النصيرية القديمة هي نفسها التي يؤمن بها النصيريون المعاصرون هي أن معظم مؤلفات الأقدمين كالخصيبي والطبراني والجسري والجلي والمكزون ... لا زالت متداولة بين ايدي النصيريين إلى اليوم بدليل النسخ الحديثة التي بخط اليد لتلك الكتب والتي وصلنا منها الكثير ومعظمها يعود لفترة التسعينيات من القرن العشرين، فلو لم تكن تلك الكتب مما يؤمنون بما فيها ويعتقدون بما جاء فيها فلم ينسخونها ويحتفظون بها ويتداولونها؟ بل إن هناك مؤلفات حديثة كتبت شرحًا وايضاحًا لتلك الكتب كشرح ديوان المنتجب العاني و الخصيبي لإبراهيم عبد اللطيف مرهج، و شرح ديوان المكزون السنجاري لسليمان الأحمد  وشروح عبد اللطيف مرهج لكتاب الأصيفر... وهم إضافة لشرحها فقد اعتمدوا إلى جانب رايهم في شرحها على أقوال القدامى في المسائل الفقهية والعقدية فاحتج مرهج بالرسالة الرستباشية وأدعية الأعياد للمكزون أكثر من مرة في شرح المنتجب، كذلك احتج بها سليمان الأحمد في شرح المكزون واحتج بأقوال الجلي والمكزون والجسري ، واحتج عبد اللطيف مرهج بمؤلفات الحسن الحرَّاني والخصيبي... فالسلفية في العقيدة النصيرية حاضرة بقوة مما يؤكد أن عقائد المعاصرين هي نفسها عقائد الأقدمين حذو القذة بالقذة و لا تحيد عنها مقدار أنملة
إن النصيرية القديمة وبحسب أصولها المكتوبة تؤمن بألوهية علي بن أبي طالب وتعتقد بالتناسخ، وتنكر الجنة والنار كما يعتقد المسلمون ولا يصومون ولا يصلون ولا يحجون ويتأولون هذه العبادات إلى حقائق باطنية تخالف معناها وإن ادعوا في الظاهر غير هذا ونستطيع أن نثبت كل واحدة مما ورد اعتمادا على كتب القوم وما خطه الأقدمون وسنفعل هذا إذا اقتضى الأمر.
ويبقى السؤال هل علويو اليوم في العقيدة والأركان على نفس العقائد والأركان التي كان عليها الأقدمون؟
بطريقة علمية بحتة فإنه لو جاء غير مسلم ليكتب بحثًا عن الإسلام في عقائده وأركانه فإنه لا يتوجه إلى الشارع والمجتمع ليكتب عن الإسلام ذلك أن تصرفات واعتقادات عوام الناس لا تعبر عن المثالية ولا تشكل قناعاتهم وتصرفاتهم مرجعية فكرية فهم من مشارب مختلفة والتزامهم يتفاوت صعودًا وهبوطًا بحسب عوامل عديدة.... إن دراسة أي دين تكون بناء على أصوله المكتوبة المتفق عليها بين أتباعه ولا سيما عُليَة القوم منهم وليس اعتمادًا على تصرفات الأفراد التي تقترب أو تبتعد من الأصول. فعند إعداد دراسة عن الإسلام فإن مصادر الإسلام التي يعترف بها أبناؤه هي التي تعرف الإسلام وهي القران والحديث الصحيح وما يتبعهما من تفاسير وشروح...
ونفس الأمر بالنسبة للنصيرية فان تصرفات الرقيب أبو حيدر وأقوال صاحب صفحة الفيس بوك المستنير وما تدَّعيه مذيعة التلفزيون المتحررة من الطائفة العلوية ...   ليس مما يعرف العقيدة النصيرية المعاصرة بل ما يعرفها هو ما اتفق عليه رجال الدين وعلية القوم في المجتمع النصيري المعاصر، فالعقيدة النصيرية المعاصرة ومدى تطابقها مع القديمة نعرفه من خلال ما كتبه الشيوخ المحدثين كسليمان الأحمد وابراهيم مرهج وعبد اللطيف مرهج وحسين أحمد وحيدر عبود .... فهؤلاء هم من يمثل المجتمع النصيري وعقائدهم التي يقلدهم بها العوام هي من تحدد هل عقائد المعاصرين هي عقائد الأقدمين أم تختلف.
إنه من خلال استعراض العقائد الاساسية للنصيريين وقول الأقدمين فيها وما يعتقده المعاصرون فيها نستطيع أـن نقارن مدى التطابق بين قديم النصيرية وحديثها علمًا أن النصيريين بعد القرن الخامس الهجري اصبحت عقيدتهم سلفية نصيرية، حيث أصبح التراث المكتوب قبل القرن السادس هو المرجعية لكل من جاء بعده وليس هناك بحث أو انشقاق أو رأي لشيوخ النصيرية بعد القرن السادس الا ويعتمد في إثبات صوابيته على ما كتبه الخصيبي أو ميمون أو الجلي... أو اعتماد على الهفت والصراط والأسوس والرستباشية... ويكفي أن نعلم أن الرسالة الرستباشية للخصيبي التي وصفها ميمون الطبراني بأنها: أصل الاصول التي تفرع عنها كل الفروع. وقال فيها وفي الخصيبي الثائر المفترض صالح العلي (1883-1950م):
والرأي رأي ففيهنا لا غيره         وسواه لسنا بالنصوص نقلد
ولنحن متبعون نهج ثقاتنا               ورسالة الشيخ الخصيبي المورد[1]
هي أهم مصدر لعقائد النصيريين المعاصرين بدلالة النسخ العديدة التي خطها أعلام النصيريين المحدثين كسليمان الأحمد وحيدر عبود ومرهج... فلو لم يكونوا يؤمنون بها فلم لا زالوا إلى اليوم يكتبونها ويتناقلونها فيما بينهم؟
كما أن سور كتاب المجموع (الدستور) يجب على كل نصيري أن يحفظها تلقينًا عن شيخ الحارة أو الحي أو القرية ويدل على مكانتها عند عوام النصيرية أنها وجدت ضمن المقتنيات الشخصية لكثير من جنود النظام الذين قتلوا... وسور المجموع تحوي الأصول العقدية للنصيرية مبسطة بما يناسب عقول عوام النصيريين وفيها كل ما ينسب للنصيرية من عقائد قالها الأقدمون.


الثالوث النصيري المقدس وتأليه علي بن أبي طالب:


أصلت النصيرية القديمة العقيدة النصيرية على ثالوث من ثلاث عناصر تشكل مجتمعة مفهوم التوحيد عند النصيريين، فقالوا:
إن الذات الإلهية المشار إليها عندهم باسم (المعنى) هي حقيقة لا تسمى باسم ولا توصف بوصف لما أرادت إيجاد الوجود والخلق، فاض عنها نور لا حد له، فكان هذا النور هو الوجود بمعناه المجرد (نقيض العدم) فجعلت من هذا لنور الفائض عنها حجابًا لها تستتر خلفه وجعلت هذا النور موضع أسمائها وصفاتها وأوكلت اليه امر الخلق، فنشأ عن هذا الفهم عند النصيرية عقيدة الثنوية حيث الإله الأول (المعنى) والإله الثاني الخالق (الحجاب/الاسم). ثم أن الحجاب بدوره خلق من نوره نورًا كان هو الكون الذي ظهر عنه الوجود المادي من أفلاك وكواكب وخلق ... وهذا الوجود المادي هو الباب لأنه باب الملكوت ولا وصول إلى الاسم إلا من خلاله.
إن هذا الثلاثي: المعنى، الاسم، الباب يرمزون إلى كل واحد منهم بالحرف الأبجدي الأول المشتق من اسم الشخص الذي ظهر كل واحد منهم به بشريًا في آخر ظهور، فالمعنى (ع) من اسم علي. والاسم (م) من محمد، والباب (س) من سلمان الفارسي، وهم اركان العقيدة النصيرية الذين يجمعون بكلمة (ع م س) شهادة التوحيد عند النصيريين كما يصوغها الشيخ حمدان جوفين شعرا:
ثم اشهدوا يا إخوتي بعقيدتي

عين وميم ثم سين قراري[2]

فالأول (المعنى) خلق الثاني (الاسم) الذي خلق الثالث (الباب). وهؤلاء الثلاثة ليسوا متسأويين ولا متحدين اتحاد اندماج بل العلاقة بينهم تلخصها فكرة العبادة عند العلويين التي يختصرونها بالقاعدة التالية: تدخل من الباب، ساجدا للحجاب، قاصدا المعنى
بعد أن وجِد الخلق كان المعنى (الذات الإلهية) إذا أرادت الظهور لخلقها (قبل البشر) تحتجب بالاسم وتظهر به بصورة من جنسهم (صورة من نور كمثلهم) لأنه لا يمكن للمخلوقين أن يعاينوها على حقيقتها لاختلاف طبيعة الخالق والمخلوق. فلما أهبطت الخلق من السماء وجعلتهم بشرًا وأسكنتهم الأرض كان لزامًا على الذات الإلهية أن تظهر بينهم بشرًا ليعرفوها ويعبدوها فكان ظهورها يتم وفق ما كانت تظهر به في عالم النور قبل البشر، فظهرت بشرًا مستترة ببشر فظهرت سبع مرات بذاتها بين خلقها حيث كان آخر ظهور للذات بصورة علي بن أبي طالب مستترة بصورة الحجاب محمد، والباب سلمان الفارسي دليلًا عليهما.
فصورة علي بن ابي طالب وفق اعتقاد النصيريين هي صورة الذات الإلهية ولكنها لا تمثل كل الذات وانما تمثل بعضها وليس لهذه الذات صورة غيرها وفق قاعدة عندهم في الظهور تقول: الصورة المرئية (صورة علي) هي الغاية الكلية، ليست بكلية الباري (الذات الإلهية) وليس للباري سواها، وهي هو إيجادا وعيانًا ويقينًا، وليست هي هو احاطة وادراكًا
وصورة علي بن أبي طالب الظاهرة للبشر ليست حقيقية وإنما كل إنسان يرى منها بحسب إيمانه، فأهل الباطل رأوه في صورة علي المعروف في الكتب، والذين اعلا أيمانًا منهم رأوا من الصورة غير ما رأى أهل الكدر، وأهل الحقيقة الكاملة لم يروا صورة علي بل رأوا الذات الإلهية لم تزل عن كيانها، فبمقدار إيمان كل مؤمن يرى من حقيقة الصورة
هذا مختصر مفهوم الثالوث النصيري بمعزل عن التفاصيل الأخرى التي لا يمكن استيعابها بمقال
وبقي أن نعرف أن الذات الإلهية التي تظهر لخلقها ليس لها اسم أو صفة، وأي اسم أو صفة تطلق عليها من مثل الله أو الرحمن أو الرحيم .... انما المقصود به الاسم/الحجاب. يقول الكلازي الانطاكي:
إن المعنى أنحل السيد محمد أسماءه وصفاته لعلو درجته عنده وقربه منه لأنه مخترعه من نور ذاته[3]... ومعنى هذا أن الحجاب الذي مثلَّه محمد في آخر ظهور بشري هو الله وهو الأسماء الحسنى المعروفة عند المسلمين، فعليه يقع اللفظ، ومعنى اللفظ يكون المقصود به الذات الالهية.
نصوص نصيرية قديمة في الوهية علي بن أبي طالب:
1.      عن أبي شعيب (محمد بن نصير) (توفي بعد 260هـ) في كتاب المثال والصورة يرويه الخصيبي، قال:
"إن الذي رأيته يقول الناس هو علي إنما هو الله الذي يظهر كيف يشاء. لم يغب عن سمائه بمشاهدة أرضه ولا عن أرضه بمشاهدة سمائه. فمن زعم أنه رأى بعضًا فقد بعض الله. ومن قال: هو هو بذاته على أنه بدن فقد شبَّهه وحدَّه ووصفه. ومن قال: هو الله ظهر كيف يشاء لمن يشاء من خلقه لا موصوفًا ولا محدودًا ولا زائلًا ولا يقضَ عليه بحراك ولا حد ولا مثال استدللت به على صورته ومن استدل بمعرفته على صورته فقد صار بعون الله إلى سبيل النجاة"[4]
2.      محمد بن سنان (توفي حوالي 225هـ) يقول: «وعَليّ هو الله، والله هو عَليّ»[5]
3.      الخصيبي (260-345ه) يقول: "الله وحده هو أمير المؤمنين فإذا ذكر الذين من دونه وهم الثلاثة (أبو بكر، عمر، عثمان) استبشر المخالفون"[6]
4.      المكزون السنجاري (1187-1240م) من أقواله: "وهو مولانا أمير النحل لم يزل عن رتبته ولم يستحل عن كيانه في ظهوره كجعفر، هو الإله الأول الأزل الحق المدعو حيدر"[7]
5.      حاتم الجديلي الطوباني (كان حيًا عام 1182م): "المعنى المعبود أمير المؤمنين صاحب القدرة الظاهرة والمعجزات الباهرة... وأصل التوحيد الإقرار بالصورة المرئية..."[8]
6.      الصويري (1218-1249م) يقول: «وهو تعالى لم يزل عن كيانه وإن ظهر لعيانه، العلي عن التصوير والصور، الموصوف بالمعاجز والقدر، القائم بذاته بالعلم والقدرة والفعل المعجز، الذي لا يأتي أحد من المخلوقين بمثله، أمير المؤمنين الأزل القديم العلي العظيم، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد»[9]
إن الشواهد التي ذكرناها من كتب القوم القديمة عن ألوهية علي بن أبي طالب هي غيض من فيض وهي من مصادر متعددة تعود لعصور مختلفة ولم تختلف كل المصادر القديمة فيما بينها حول حقيقة تأليه علي بن أبي طالب وأبنائه من بعده....
 وفيما يلي شواهد من نفس النوع في تأليه علي بن أبي طالب تعود للعصر الحديث لأعلام نصيريين معروفين محدثين ومعاصرين يأتي على رأسهم شيخ الطائفة في العصر الحديث الذي ينتسب اليه معظم علويو سوريا (الكلازيون) وهو محمد الكلازي الانطاكي (1602-1640م)، الذي يقول:
"وإن العين (علي) هو الله رب العالمين الذي لم يزل عن كيانه وإن ظهر لعيانه"[10].
 ويقول في موضع آخر: "علي هو اسم الله الواقع على الناسوت ومحمد هو الله، والله اسم واقع على اللاهوت"[11]
أما علامة النصيريين المعاصر والذي يلقبونه بعلامة الجبل الشيخ سليمان الأحمد (1869-1942م) فيقول:
«إن أصل عقيدة هذا المذهب وقاعدة أمره أن الصورة المرئية هي الغاية الكليَّة الظاهرة بالسبع قباب من هابيل إلى أمير المؤمنين هي هي الذات المعبود»[12]
ويقول سليمان الأحمد في احدى مراسلاته إلى معاصره الشيخ صالح الحكيم:
 وخلاصة ما اعرفه واعتقده:
أشهد أن لا إله إلا       علي الأنزع البطين
ولا حجاب لديه إلا              محمد الصادق الأمين
ولا سبيل إليه إلا        سلمان باب الهدى المبين[13]
وقبل سليمان الأحمد هناك الشيخ حسين أحمد (توفي حوالي 1878م) الذي يلقبونه بالخصيبي الصغير يقول: "ها أنا متكل على حولك وطولك يا ذا الحول والطول، يا خير مسؤول وأكرم مأمول يا حي يا قيوم يا أمير النحل يا علي يا عظيم[14] ... ويدعو في أحد أدعيته فيقول: يا حميد يا مجيد يا غفور يا ودود يا أرحم الراحمين يا أمير النحل يا عليًا يا عظيم"[15]
أما معاصر حسين أحمد الشيخ إبراهيم مرهج (كان حيا 1908 م) شارح ديوان المنتجب العاني وديوان الخصيبي فإنه لم يسجل اعتراضًا على عقائدهما في تأليه علي بن أبي طالب وشرح قول المنتجب العاني:
وإن أردت ظهورات الإله وما                      دلت على الذات في أدوارها القبب
             فتلك هابيل وشيث ويوسف لأخي            فهم ويوشع معنى حمده يَجِب
           وآصف ثم شمعون الصفاء ومولانا          علي الذي ما مسه لغب[16]
فقد شرح مرهج القصيدة وما احتوته من معاني ومصطلحات ولم يعقب معترضًا على تأليه علي أو ما يعتقده العاني من ظهورات للمعنى سبع مرات بين البشر كمثلهم من هابيل حتى علي بن أبي طالب.
ويأتي بعد إبراهيم مرهج ابنه عبد اللطيف إبراهيم مرهج (1903- 1995م) معاصر سليمان الأحمد وصديقه، ويقدم تعليقات على كتاب محمد بن شعبة الحراني "الأصيفر" الذي يدور موضوعه حول الظهور والغيبة والصورة الظاهر بها المعنى فلم يعترض على قول ابن سنان الزاهري عندما قال: " اسم علي وقع على الناسوت، واسم الله وقع على اللاهوت، وعلي هو الله، والله هو علي"[17] فهو لم يعترض على قول: علي هو الله والله هو علي، وانما اعترض على اطلاق اسم الناسوت واللاهوت لان ذلك تشبه بالنصارى، فهو يرى ان صورة علي تنزه عن الناسوت ولا يجوز وصفها بصفات البشر[18] فلو كان يعتقد أن تأليه علي، امر خاطئ ألم يكن من الأجدى به تصويب ذلك بدل أن يعترض على مصطلحي اللاهوت والناسوت بحد ذاتهما.
إن كل ما مر من شواهد على تأليه علي بن أبي طالب من أقوال مشايخ الطائفة يعود إلى رجالات النصيرية من الكلازية الذين يشكلون غالب نصيرية سوريا، ولا يختلف الفرع الثاني من النصيرية وهم الحيدريون عن الكلازيين في عقائدهم بشيء فهم يقولون مثل قولهم، فقد ألف الشيخ وهيب بدر غزال وهو من اسرة دينية حيدرية عريقة تتوارث المشيخة بين أبنائها كتابًا أراد فيه تصحيح عقائد النصيرية عنوانه "الطاعة والايمان في صيام شهر رمضان" فكان مما قاله في المقدمة:
"بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ما دام في سلطانه العظيم وسبحان الله استماحة لغفرانه العميم. والصلاة والسلام على صاحب الشرف القديم والصراط القويم والقلب السليم، صاحب قول جليل حكيم، لا إله الا المعنى القديم ولا حجاب الا الاسم العظيم ولا باب الا السين الكريم. ثم تمجيد أولي الألباب والتفكير الذين نجوا من ضلال رجالات التقصير بروية وحسن تدبير، أولئك عرفوا القدرة بالقدير والبشرى بالبشير فلبوا دعوة النذير ويا فوز من لبَّاه وآمن به وما عصاه حين صرح إلى مولاه وغاية قصده ومعناه قائلا: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ومعناه، لا إله سواه ولا معبود إلاه..."[19]
وفي فترة الستينيات وما بعدها من القرن العشرين حدثت هزة عميقة في العقيدة النصيرية على اثر هبوط المركبة السوفييتية على القمر وثم هبوط الامريكان عليه فتجدد ذلك الجدل الذي كان أحد شيوخ النصيريين وهو أحمد حيدر من القائلين فيه عن تنزيه الله عن الظهور بصورة وعن احتجابه بالقمر (معبود الكلازيين) بعد أن غابت صورة علي بن أبي طالب... فقام أحد شيوخ الكلازيين وهو إبراهيم سعود (1917- 1982م) بتألف كتاب خاص "الأدلة النقلية في إثبات أن الصورة المرئية هي الغاية الكليَّة" يرد فيه على أحمد حيدر الذي أنكر ظهور الله بصورة بين البشر منكرًا ظهوره بعلي بن أبي طالب أو غيره، فألف إبراهيم سعود يدحض عقيدة أحمد حيدر ويؤكد على ظهور الله بشرًا بصورة علي مكفرًا من لا يعتقد بهذه العقيدة وحشد في إثبات رأيه أراء كثيرة لقدامى ومحدثين، ومن  استشهاداته ونقوله:
"الصورة المرئية الأنزعية ظاهر الباري في سماواته وأرضه وكل يراه بما استحق من النظر إليه... المعنى المعبود أمير المؤمنين صاحب القدرة الظاهرة والمعجزات الباهرة... وأصل التوحيد الإقرار بالصورة المرئية ... فمن أنكر الصورة المرئية فهو مبطل ومن شبَّه بها فهو مشرك ومن أثبت الوجود بها فهو موحد..."[20]
وهنا يجب ان نذكر ان النصيرية ديانة كهنوتية فلا يستطيع النصيري ان يحصل على المعرفة الدينية بمجهوده الخاص من خلال المطالعة بل هو ملزم بتلقي العلم عمن سبقه وفق تراتبية مراتب الشيوخ وهو في كل مراحل تعلمه ملزم بالتبعية والتقليد لمن فوقه ولا يستطيع الخروج عما رسمه وقرره شيوخ الطائفة من عقائد ومن يخرج عما هو متفق عليه بين رؤوس الطائفة سيكون مصيره القتل كما حدث لسليمان الأضني فيما مضى  وفي اخف الأحوال الهجر والتضيق عليه والمقاطعة كما حصل لأحمد حيدر (1888- 1975م) الذي شذ عن عقائد الطائفة بخصوص الصورة المرئية وظهور الله في خلقه بصورة علي بن أبي طالب وغيره، حيث انكر ذلك فعاش حياته مقاطعا من قبل الطائفة ومضيق عليه حتى مات رغم انه احد اعلامهم فما بالك لو كان من عوامهم وقد سجل معاناته تلك في كتبه: تناثر الأوهام، وما بعد القمر، والتكوين والتجلي.... كما سجل معارضوه ومعاصروه من شيوخ الطائفة بدعته ودبجوا في الرد عليه اعتمادا على مؤلفات السابقين الذين خالف أحمد حيدر اعتقادهم كما سلف في رد إبراهيم سعود عليه، وكان سليمان الأحمد أحد من هدده وتوعده بمصير أبي ذهيبة بن خلاد البعلبكي الذي قاتله الميمون الطبراني في نهاية القرن الرابع الهجري وقتله بسبب خروجه عن معتقدات النصيرية التي أصلها الخصيبي في رسالته[21]
وان كنا قد تنأولنا فيما مر عقائد علية القوم من شيوخ النصيريين وعلمائهم في القديم والحديث من واقع مؤلفاتهم وما كتبوه، فان المتتبع لواقع عوام النصيريين سيجد الكثير من الأمثلة عن تأليه علي بن أبي طالب بعضها نقلها مؤلفون وكتاب عايشوا النصيريين وعاشوا معهم في بلادهم مثل الاديب السوري المعروف محمد المجذوب الذي الف فيهم كتاب "الإسلام في مواجهة الباطنية"  وذكر كثيرا مما راه وعاينه عن تأليه علي بن أبي طالب وان ذلك عقيدة راسخة عند القوم وليست فعلا شاذا... ونقتبس بعضا مما ذكره على سبيل الاستشهاد حيث يقول:
أحد الايام كنت اقرا مقدمة ديوان من المراثي نظمها عدة شعراء في أحد مشايخ النصيرية، فجعل كاتب المقدمة يتخذ من شهادة مائة راث لذلك الشيخ دليلا على اننا فقدنا رجلا عظيما من الصالحين، وكان هناك صديق من شعراء ذلك الديوان هو أحد تلاميذ ذلك الشيخ فلما اطلع على ما اقرا أرسل ضحكة مجلجلة وقال:" لقد كانت تسبيحة شيخي المألوفة هي:" يا علي لك العبادة" وتابع صديقي: لعلك تظن انه يريد بذلك الله العلي؟ انا اقول لك لم يرد غير الأنزع البطين..."[22]
ويذكر المجذوب في حادثة أخرى انه في عام 1960 في بيت في سوق الداية باللاذقية، حدث اجتماع حضره نحو 15 شخصا نصفهم شيوخ ووجهاء من النصيريين وكان الحديث يدور حول ايجاد تعأون بيننا يساعد على إنعاش الفكرة الإسلامية في الجبل (جبال العلويين)، فتكلم شيخ مقدم منهم وذكر ان القوم مسلمون على أحسن ما يكون من الإسلام وان الله ربهم ومحمد نبيهم والقران كتابهم وكل ما يقال فيهم غير ذلك هو كذب وافتراء ...
فقلت: أهو اجتماع مجاملة ام مصارحة؟ ثم قلت: هذا التوحيد الذي تتكلمون عنه أهو توحيد في الله ام في علي؟
فبدا الوجوم على القوم، فتابعت حديثي:
من الخير ان نكون متعأونين على كل خير ولكن عندما يكون الموضوع متعلق بالعقيدة الإسلامية فلا مكان للمجاملة، ان الاستقامة في العلاقات الاجتماعية مرده للاستقامة في العقيدة فلنبدأ بتصحيح مفاهيمنا ليسهل بعدها تصحيح أي اعوجاج اخر، ثم تطرقت إلى القضايا الخلافية في العقيدة التي يتبناها النصيرية وهي:
القول بألوهية علي بن أبي طالب وانه هو الله
تقديس القبور وتقديم النذور لها
ان القران والسنة هي مرجعيتنا وليس المشايخ وانه لا كهنوت في الإسلام
انكارهم البعث والنشور والجنة والنار  [23]
وفي الواقع المعاش اليوم في سوريا والذي ظهر بعضه على الاعلام قد يكون البعض سمع عبارات التأليه لعلي بن أبي طالب مثل قول أحد ضباط النصيريين (علي خزام) في حديث خاص بين بني قومه: "دخلك دخيلك إلهي ذو الفقار...وحياة اللي خلق الكرة الارضية اللي هو مولانا امير المؤمنين..." وقول اخر: "وخمرة علي مولا الموالي بعبدو"[24]
وعندما يأتي نصيري سواء من العوام أو الخواص ويقول: نحن لا نعبد علي بن أبي طالب... فقط اطلب منه ان كان صادقا فيما يقوله ان يعلن صراحة براءته من عبادة علي بن أبي طالب... ان غالب النصيريين لن يفعلها وسيرأوغ ويستخدم الذرائع لكيلا ينطق بها ذلك انه بحسب أصول الدين النصيري فان النصيري يستطيع ان يكذب وان يمارس التقية ويدعي غير ما يعتقد الا في امر واحد هو البراءة من عبادة علي بن أبي طالب فمن فعلها فقد كفر.

وأخيرا نقول: إذا كانت النصيرية القديمة غير الحديثة فهل يستطيع النصيريون اليوم ان ينشروا مؤلفاتهم الباطنية التي يتوارثونها ويعلنوا البراءة منها ومن عبادة علي بن أبي طالب؟
الجواب هو ان هذا لا يمكن ان يتم تحت أي ظرف من الظروف إلا ان ينقلبوا على دينهم ويتبرؤوا منه وهذا ايضا لا سبيل لحدوثه لا الان ولا غدا. ان من صلب العقيدة النصيرية التقية، ومن التقية التكتم على اسرار الدين وعدم البوح بها لغير النصيريين ومنذ القديم تم تأصيل هذه العقيدة واعتبرت من صلب النصيرية فقالوا: من اذاع بسر الربوبية فقد اعان على قتل نفسه، أو فقد أهدر دمه، أو فقد ارتد عن دينه، والسبب بزعمهم: ان الله أحب ان يعبد سرا، وان الله اخفى حقيقة ذاته عن الجاحدين (غير النصيريين) وامرهم بكتمان هذا السر وعدم البوح به لكيلا يطلع ابناء الشياطين عليه فيذيعونه لغير اهله " ان الله أحب ان يعبد سرا "[25]
في حديث خاص جمع كلا من سامي الجندي (اسماعيلي) أول وزير اعلام بعد انقلاب 1963 وصلاح جديد (علوي) رئيس اركان الجيش السوري، طلب فيه الجندي من صلاح جديد ان تقوم الطائفة بنشر كتبها السرية وتظهر حقيقة اعتقادها صراحة لإزالة سوء التفاهم بينها وبين الطوائف الاخرى، فقال صلاح جديد: لو فعلنا ذلك لقام شيوخ الطائفة بقتلنا. 




[1] قصيدة مخطوطة لصالح العلي
[2]المخطوط الكبير – ص 218. نقلا عن محمد المجذوب – الاسلام في مواجهة الباطنية
[3] الكلازي- افراد الذات عن الأسماء والصفات- ص21
[4] ميمون الطبراني- البحث والدلالة-ص23
[5] محمد بن شعبة الحراني- الاصيفر-ص8
[6] الخصيبي- الرستباشية-ص38
[7] المكزون السنجاري- ادعية الاعياد-ص17
[8] سعود-الادلة النقلية-ص62
[9] الصويري-الرسالة النورية-ص1
[10] الكلازي- التأييد في خاص التوحيد- ص19-20
[11] الكلازي- التاييد - 86
[12] سعود-الادلة النقلية-ص96
[13] ابراهيم سعود-الادلة النقلية-ص100
[14] حسين أحمد- مجمع ابتهالات في ظرف الساعات- ص8
[15] نفس المصدر- ص9
[16] مرهج، إبراهيم- شرح ديوان المنتجب – ص 66-67
[17] ابن شعبة الحراني- الاصيفر- ص 8
[18] ابن شعبة- الاصيفر- هامش ص8
[19] المجذوب، محمد- الإسلام في مواجهة الباطنية- ص176
[20] سعود- الأدلة النقلية- ص60- 63
[21] إبراهيم سعود- الأدلة النقلية- ص100 وهامشها
[22] المجذوب- الإسلام في مواجهة الباطنية- ص65
[23] المجذوب- نفس المصدر السابق- ص45- 49
[25] الصراط – معرفة الهياكل. وكتاب الهفت- ص 102