اليزيدية (الازيدية):

تقوم الديانة الزرادشتية على مبدأ الثنوية في اعتقادها المتمثل بوجود قوتين متناقضتين تشكلان ندا لبعضيهما هما الاله: اهورامزدا و هو اله الخير و النور.
و اهريمان: و هو الضد لاهورامزدا و يمثله الظلام و الرذيلة و كل ما هو سيء و هو في مصطلحاتنا الاسلامية الشيطان.
قدس الزرادشتيون اهورامزدا في مقابل من قدس اهريمان، و صوروا التاريخ على انه صراع متجدد بين تلك القوتين اهورامزدا و اهريمان.
بقيت الزرادشتية ديانة الامبراطورية الفارسية حتى قدوم الاسلام فتلقت الزرادشتية ضربات ادت لتحطيمها و انحسارها و من بقي على هذا الدين من الفرس انقسم لقسمين: قسم بقي مجوسيا و يدفع الجزية. و قسم تظاهر بالاسلام و بقي على دين الاباء و هم الذين اطلق عليهم اسم الزنادقة في العصر العباسي، و قد مزج الزنادقة بين المجوسية و التشيع فخرج عن هذا سائر الفرق الباطنية كالنصيريين و الاسماعيليين.

في عام 61هـ كانت موقعة كربلاء المعروفة و التي استشهد فيها الحسين بن علي زمن يزيد بن معاوية، و كان لمقتل الحسين اثره الكبير في الفكر الشيعي الناشيءحتى اصبح ت كربلاء و الحسين احد الثوابت في العقيدة الشيعية. لذا عندما اندس الفرس المجوس في الاسلام تظاهروا بالتشيع و اقتبسوا عقائده و جعلوها ظاهرا يخفي الباطن المجوسي الذي يعتقدونه حقيقة اقتبسوا عقيدة كربلاء و الحسين، فهم بحسب عقائدهم السابقة كانوا يؤلهون ملوكهم لذا لم يجدوا صعوبه في نقل عقيدة تأليه الملوك الى علي بن ابي طالب و ابنائه على اعتبار ان عليا و ابنائه يمثلون سلالة مقدسة فيها الوحي و النبوءة، كما ان الملوك الفرس كانوا سلالة مقدسة فيها الالوهية و الملك، و من هذه العقيدة و من عقائد اخرى مجوسية ألبسوها التشيع نشأ دينا هجينا سمي الفرق الباطنية او الغالية او الزنادقة، كلها ألهت  ابناء علي و منهم الحسين بن علي و نلحظها جلية في العقيدة النصيرية التي تعتقد ان الحسين حجاب لله مخلوق من نور الله اوجدته الذات الالهية من نورها و احتجبت به ثم بعد غيبة اخيه الحسن بن علي ظهرت الذات الالهية في الحسين فصار الحسين حجابا لله و كمثله في الارض. ولم  تكن كربلاء سوى مظهرا من مظاهر صراع اهورامزدا المشار اليه في العقيدة النصيرية باسم (المعنى) مع اهرامان المشار اليه باسم (الضد)، و كما ان الاله (المعنى) يظهر بصور مختلفة يمثلها صور الائمة الشيعة فكذلك الضد يظهر بصور مختلفة يمثلها شخص في كل مقام من مقامات الائمة، فكان الضد عمر بن الخطاب ازاء المعنى علي بن ابي طالب، و كان الضد ابو جعفر المنصور ازاء المعنى جعفر الصادق... و بنفس المقياس كان الضد يزيد بن معاوية ازاء المعنى الحسين بن علي...
توفي يزيد بن معاوية عام 64هـ و كادت ان تسقط الدولة الاموية اثر موته لعدم وجود وريث يصلح للخلافة لولا ان اعلن مروان بن الحكم نفسه خليفة تؤازره القبائل اليمانية فاحيى الدولة الاموية من خلال الفرع المرواني الذي حكمها حتى عام 131هـ و كان اخر الخلفاء المروانيين هو مروان بن محمد بن مروان حفيد مروان بن الحكم و كان كرديا من جهة امه لذا بعد ان هزم مروان و قتل في معركة الزاب مع العباسيين هرب احد اقربائه من احفاد يزيد بن معاوية و اسمه ابراهيم بن حرب بن خالد بن يزيد و إلتجئ الى شمال العراق حيث يوجد الاكراد اخوال مروان بن محمد، و من هنا بدأ ظهور اليزيدية التي كانت في بدايتها حركة سياسية حاولت استعادة ملك بني امية
و في الجنوب العراقي كانت في هذه الفترة عقيدة تأليه الحسين و ال البيت قد اصبحت حقيقة و اصبحت عقيدة لعن يزيد عند الشيعة كلهم حقيقة مثلها مثل تقديس الحسين، و استنكر اليزيديون الاوائل الذين التجئ اليهم ابراهيم بن حرب عقيدة لعن يزيد عند الشيعة بل تعصبوا ليزيد واحبوه كما تعصب الشيعة للحسين و احبوه.

يذكر العديد من الاقدميين ان الاكراد هم من بدو الفرس و هم مثلهم مثل الفرس قبل الاسلام كانوا على دين المجوسية. و بحسب ما ال امر اولئك الاكراد من تقديسهم ليزيد بن معاوية ازاء من قدس الحسين، يمكن ان نستنج ان اولئك الاكراد من الزرادشتيين الذين كانوا فيما سبق يقدسون اهرامان، في مقابل الاخرين الذين قدسوا اهورامزدا، و كما نقل مقدسوا اهورامزدا اعتقادهم و جعلوه في نسل علي بن ابي طالب و منهم الحسين فكذلك نقل مقدسوا اهريمان عقيدتهم في الضد و تقديسهم له وجعلوها في يزيد بن معاوية ضد الحسين بن علي.
لقد اقتصرت اليزيدية في بدئها على استنكار لعن يزيد وقدسته ازاء من لعن يزيد و قدس الحسين لكن هذا التقديس و التبجيل ليزيد بذر بذرة سهلت على من جاء فيما بعد ان يخطوا باليزيديين خطوة متقدمة ليجعل منهم احد الفرق الباطنية التي نواتها الزرادشتية مثلها مثل نقيضتها النصيرية. ففي مطلع القرن السادس الهجري هرب احد الامويين من نسل مروان بن الحكم من العباسيين من لبنان الى شمال العراق حيث يوجد الاكراد، و اسمه عدي بن مسافر فاقام بينهم و نشر التصوف فيهم حتى توفي سنة 563هـ فدفنوه في منطقة اسمها لالش شمال العراق و جعلوا له مقاما يقدسونه، و خلفه دينيا في الزعامة بين الاكراد ابن أخيه صخر بن صخر بن مسافر ثم خلف الاخير ابنه عدي ثم خلف عديا ابنه  شمس الدين أبو محمد المعروف بالشيخ حسن المولود سنة 591هـ ، فكان هذا الأخير هو من ادخل الزندقة الى اليزيدية وجعلها فرقة على ما هي عليه اليوم و نقلها من حب يزيد و عدي بن مسافر الى تقديسمها و تقديس ابليس



تعليقات