الحقيقة المحمدية في اعتقاد الصوفية والنصيرية

الحقيقة المحمدية
في اعتقاد الصوفية والنصيرية:

تسمى الحقيقة المحمدية أيضا الكلمة المحمدية، والنور المحمدي، ونور محمد، وحقيقة محمد. ومهما كانت التسمية فان هذا المصطلح هو من اخص مصطلحات العقائد الصوفية الذي يشرح بدء الخلق وما يترتب على فكرتهم تلك من وحدة الوجود والاديان وتعطيل أسماء الله الحسنى وانزالها على المخلوقين بشكل متطابق مع ما يعتقده النصيريون في هذا الموضوع وان اختلفت العبارة بينهما.
يقول الصوفية ان الله لما شاء ان يوجد الوجود من بعد العدم قبض قبضة من نوره وجعل منها ما كان وما يكون.
هذا النور الذي هو من نور الله والذي جاء منه كل ما هو موجود يسمونه الحقيقة المحمدية لان هذا النور في حقيقته التي عرفها البشر هو النبي محمد الذي منه ظهرت النبوة في البدء وعنه ظهرت كل الموجودات فهو سيد الوجود واول الاولين وخاتم النبيين هو المختص بالاسم الاعظم (الله)
ويميز بعض الصوفية هنا بين نوعين للحقيقة المحمدية:
الحقيقة المحمدية النورانية التي وجدت منذ الأول وكانت مصدر الخلق والتكوين والنبوة
والحقيقة المحمدية البشرية وهي كل الأنبياء الذين ظهروا منذ ادم وحتى محمد فهؤلاء هم تمثيل بشري للحقيقة المحمدية النورانية في الأرض وان كان لمحمد السبق عليهم من حيث ان حقيقة النبوة فيه موجودة منذ البدء بينما باقي الأنبياء لم تقع عليهم حقيقة النبوة الا عند ظهورهم. وهم -أي الأنبياء- في حقيقتهم محمد وان اختلفت الصورة
يقول ابن عربي بما معناه:
لما اراد الحق ايجاد العالم انفعل عن ارادته المقدسة (الهباء) ثم تجلى بنوره لهذا الهباء فكان الاقرب لهذا النور هو حقيقة محمد التي هي العقل فكان سيد العالم بأسره واول ظاهر الوجود ...
ويقول الحلاج عن (الحقيقة المحمدية):
طس سراج من نور الغيب وبدا وعاد جاوز السراج وساد... سماه الحق اميًا... انوار النبوة من نوره برزت وانوارهم من نوره ظهرت... وجوده سبق العدم واسمه سبق القلم لانه كان قبل الامم ... الحق به، وبه الحقيقة، هو الاول في الوصلة (الوجود)، وهو الاخر في النبوة، والباطن في الحقيقة، والظاهر بالمعرفة ... الحق ما اسلمه الى خلقه لانه هو، وأنَّى هو، هو هو ...
لا يختلف مفهوم الحقيقة المحمدية التي يؤمن بها الصوفية عما يؤمن به النصيريين سوى ان الصوفية يسمونها الحقيقة المحمدية، بينما النصيريون يسمونها: الحجاب والعقل والاسم، ومعنى الحقيقة المحمدية الصوفية يتطابق مع معنى الحجاب النصيري في اكثر من معنى:
1- يقول الصوفية –كما مر من كلام ابن عربي - ان الحقيقة المحمدية جاءت فيضا من نور الله. ويقول النصيريون بنفس المعنى عن حلق الحجاب الذي هو محمد، فقد قال ميمون الطبراني في تعريف الحجاب:
الحجاب الاقدم (محمد) الذي من نور ذاته لمع و اشرق و انار و انبثق و اضاء بنوره المنبثق و جميع المخلوقات به خلق ، فهو قدرته الباهرة و حجته الشاهرة و عينه الناظرة و يده الظافرة ، خشعت لنوره الانوار و تاهت في تحديده نوافذ الافكار ....
2- يقول الصوفية ان الحقيقة المحمدية عنها ظهر الوجود، ويقول النصيريون:
"أنّ عنصر العناصر وجوهر الجواهر قد اخترع الاسم (الحجاب) من نور وحدانيته وجعله نورا منجبلا من جوهر معنويته وحركة من سكونه واصطفاه وسمّاه باسمه واجتباه ولم يكن له ربّا سواه وجعله وحده الخالق ولسانه الناطق وأقامه بالأمر العظيم والسبب القديم، وجعله دائرة الوجود ومحراب السجود بأمر العلي المعبود وقال له: كن مسبب الأسباب ومبوب الأبواب. .. وأمره أن يخلق العوالم العُلْوية والعوالم السفلية"
3- يقول الصوفية ان الحقيقة المحمدية هي حجاب الذات الالهية، فقد قال الشيخ الأكبر ابن عربي في شرحه لترجمان الأشواق:
كل من الخلق واقف عند حجاب العزّة الأحمى فعند هذا الحجاب تنتهي علوم العالمين، ومعرفة العارفين ولا يصح لأحد أن يتعدى هذا الحجاب، ولو كان من أكابر الأحباب,..انتهى.
قلت: وحجاب العزة الأحمى هذا هو رداء الكبرياء المعنون عنه بالحقيقة الأحمدية فإليه ينتهي علم العالمين، ومعرفة العارفين، ولا يصح رفعه لعين من أعيان الممكنات فعليه يقع التجلي، وفيه تقع المشاهدات، وعنه تفاض التجليات, فافهم .
ويقول النصيريون بذات المعنى، ان الحجاب هو الستر الذي استترت خلفه الذات الالهية، فقد جاء في النصوص الدينية النصيرية قولهم: " " المعنى الصمد الفرد الاحد اخترع من نور ذاته واحدا جعله اسمه الخالق و نوره الباسق و حجابه اللاصق. اخترعه من غير حاجة منه اليه لا عيبا به بل لحاجة المخلوقين اليه لان ليس في استطاعتهم ان ينظروا الى اللاهوتية بل ينظرون اليه من حيث هم فلما علم ذلك منهم اقام الحجاب لهم ليدخلوا منه اليه و يستدلوا به عليه..."
4- يقول الصوفية ان الحقيقة المحمدية ذات مظهرين، مظهر نوراني من نور الله، ومظهر بشري في صور الانبياء، ويقول النصيريون ان الحجاب نوعين: قديم: وهو النور الذي اوجده الله من نوره وجعله حجابه واسمه. ومحدّث: وهو الصور البشرية التي ظهر بها الحجاب بين البشر في صور الانبياء من ادم حتى محمد، فقد جاء في كتب النصيرية «عن محمد بن علي الجلي في روايته عن العالم ( جعفر الصادق ) منه السلام ، قال : سئل عن الاسم (الحجاب) فقيل قديم ام محدث؟ فقال منه السلام: قديم في النور محدث في الظهور. فتامل يا سيدي معنى الحدث الداخل على الاسم من مولاه تعالى عما يشركون و المحدث جسده النوري و هيكله المحمدي على ما قدمته» . وصور الأنبياء جميعهم هي مظهر بشري للحقيقة المحمدية الصوفية كما يقول الحلاج: "انوار النبوة من نوره برزت وانوارهم من نوره ظهرت" ويثبت النصيريون نفس المعنى الذي عند الصوفية. فقد قال شيخ الطائفة النصيرية الخصيبي عن الحجاب:
فهو النبيون غير شك والرسل من غير ترجمان
فتارة آدم ونوح ثم إلى صالح اليماني
من بعد هود وقبل لوط ثم إبراهيم في أمان
ثم شعيب وبعد موسى ثم بعيسى وذا نيان
ثم إلى هاشم المعالي ثم إلى أحمد المعاني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر ومراجع:
1-موسعة المصطلحات الصوفية-ص300 وما بعدها
2-سعاد الحكيم- المعجم الصوفي- الحقيقة المحمدية- ص347 وما بعدها
3- الفتوحات المكية (1/118)
4- الحلاج- الاعمال الكاملة- طاسين السراج- ص161-163
5-ميمون الطبراني احد مؤصلي العقيدة النصيرية عاش في حلي ومات في اللاذقية في القرن الخامس الهجري وقد ورث مشيخة النصيريين عن شيخه محمد بن علي الجلي خليفة الحسين بن حمدان الخصيبي.
6-الطبراني- البحث و الدلالة- مخطوط- ص 4/ب
7-كتاب التعليم النصيري- سؤال 11 وجوابه
8-مدونة الاسرار المحمدية على الرابط التالي:
http://mohammadiy.blogspot.com/2013/09/blog-post_8936.html
9-ابن شعبة الحراني- اختلاف العالمين- ص3
ديوان الخصيبي

تعليقات

  1. انا العلوي الدر البهي.............. بأقراري بولاية إمامي علي
    وأشهد شهادة حرة تقية نقية مشعشة نورانية علوية بان لا إله إلا الله الواحد الأحد الفرد الصمد وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخاتم أنبيائه وأشهد أن علياً وليه وصلواته على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين و الأئمة الأثنى عشرالمعصومين ولو كره الكافرون واعتصم بهم من كيد كل باغي وحاقد ولئيم وانه لمرجعنا جميعا يوم الدين.

    ردحذف

إرسال تعليق