الخريطة العرقية والدينية في سوريا

الخريطة العرقية والدينية في سوريا
العرب في سوريا تاريخيا وسكانيا

تطلق المصادر الجغرافية الاسلامية على البقعة الجغرافية الواقعة شمال الجزيرة العربية وبين نهر الفرات والبحر المتوسط اسم بلاد الشام والشأم والشآم والتي اعتبرها بعضهم امتدادًا طبيعيًا للجزيرة العربية وليست اقليمًا مستقلًا معتبرين أن شبه الجزيرة العربية هي جزيرة وليس شبه جزيرة يحدها الخليج العربي ونهر الفرات من الشرق والشمال والمتوسط والبحر الأحمر من الغرب. وقد اختلفوا في أصل تسمية الشام، فقال البعض نسبة لسام بن نوح الذي سكن المنطقة بعد الطوفان. وقال البعض لأن أرضها تتخللها بقع سوداء مثل الشامات، وقيل لأن الشام تقع إلى شمال الكعبة، والشام تعني الشمال في بعض اللهجات العربية...
ومهما يكن أصل التسمية فإن اسم سوريا الذي أطلق على الجزء الشمالي من بلاد الشام في العصر الحديث لم يرد في المصادر الاسلامية الجغرافية كاسم معتمد لهذه البقعة من بلاد الشام فقد ذكره المسعودي وقال إنه الشام والجزيرة (الجزيرة الفراتية). وذهب ياقوت الحموي للقول أنه اسم لمنطقة بين خناصرة وسليمة (قرب حلب). وكان أقدم ذكر لاسم سوريا ورد في السجلات الفارسية  خلال احتلالهم المنطقة أيام الإخمينيين (559- 331 ق م) حيث أطلقوا اسم سورستان على العراق والشام والجزيرة. واستخدمه المؤرخ الاغريقي هيرودوت (484-425ق.م) واستخدمه الاغريق خلال حكم السلوقيين وكذلك استخدمه الرومان. وقد ذهبوا مذاهب عدة في أصل الاسم فقال بعضهم مشتق من آشوريا بسبب غلبة الآشوريين عليه زمن الاحتلال الفارسي والإغريقي، وقال آخرون أنه مشتق من (صور) احدى مدن الساحل، وقيل نسبة إلى إيسوريا في اقصى شمال الشام أحد الثغور من جهة الاناضول ...
  أما العرب فنكاد لا نلمح استخدامهم لاسم الشام أو سوريا قبل الإسلام اذا اعتبرنا الشعر الجاهلي مصدرا تاريخيا لهذه الفترة لانعدام المصادر العربية المكتوبة قبل الإسلام، بل استخدموا أسماء المدن والمناطق كحمص والجولان وجلق (دمشق)... على عكس الحال بعد الإسلام حيث صارت تسمى الشام كما يظهر في الحديث النبوي والشعر الاسلامي والمصادر التاريخية عمومًا.
لعب موقع بلاد الشام المتوسط بين الشرق والغرب والشمال والجنوب دورًا كبيرًا في جعلها مقصدًا لهجرات الشعوب وغزواتهم، وكذلك شكلت طبيعتها الجغرافية لا سيما غربها الجبلي المنعزل دورًا في جعلها مقصدًا ومستقرًا للطوائف الدينية المنشقة عن الإسلام هربًا من الملاحقة أو بؤرة لممارسة نشاطها بعيدًا عن الرقابة، ولهذين السببين: الموقع، والتضاريس. تعددت الأعراق والأديان والطوائف التي عاشت ولا زالت فيها. وكلا هذين السببين منعا من قيام إمبراطوريات وحكومات قوية في هذه المنطقة على غرار بلاد الرافدين ومصر، فالموقع أفقدها الاستقلالية وجعلها محط أنظار الطامعين والذي أدى بدوره إلى افقادها الاستقرار نتيجة تعاقب الحروب وتصارع الامبراطوريات للسيطرة عليها. والتضاريس ساهمت في تجزئتها إلى مناطق يصعب التواصل فيما بينها، هذا إذا استثنينا فترة العصر الاموي حيث كانت مركزا لخلافة بني امية وعاصمة للدولة الاسلامية
ومن حيث الواقع التاريخي فان أول من سكنها كان أولئك الأقوام الذين تسميهم المرويات التوراتية الساميين وهم مجموعة عرقية واحدة أخذت أسماء متعددة عبر الزمن مشتقة من موطنها أو نشاطها أو موقعها الذي حلت فيه فالآموريون (العموريون) والاراميون والكنعانيون والفينيقيون والعبرانيون والعرب ... هي مسميات متعددة لأصل عرقي واحد  لمجموعات بشرية خرجت على مراحل تاريخية متباعدة من الجزيرة العربية وانساحت في بلاد الشام والعراق مشكلة امبراطوريات وممالك وحضارات ظلت مستمرة ولها صبغة عرقية ولغوية واحدة نتيجة وجود رافد بشري عبر الزمن يرفدها من الجزيرة العربية حيث موطنها الأصلي  لذلك شكلت عبر التاريخ وحتى الآن الغالبية العرقية التي حلت في هذه المنطقة وسكنتها ولا زالت. ولم يكن العرب طارئين ولا محتلين لهذه الارض بل هي أحد أوطانهم واماكن اقامتهم سيما أن معنى مصطلح (عربي) في العصور القديمة لم يكن يعني عرقًا من البشر كما يعني اليوم بل هو مصطلح للدلالة على حالة اجتماعية لبعض الساميين الذين عاشوا في المنطقة. فالكلمة في شكلها القديم (عاريبي، عريبي، عاروبو، عريبو ...) وردت في اللغة الاشورية والبابلية كاسم يعني (البدو)، فالعربي بحسب مدلول المصطلح في ذلك التاريخ هو السامي البدوي الذي انتشر في البوادي وعلى حواف المدن مقابل الساميين الذين استقروا واستوطنوا المدن، وهي نفس الحالة التي لا زالت تقسم العرب اليوم إلى قسمين: الحضر، والبدو.  لذا عندما حل العرب المسلمون في هذه المنطقة لم يكونوا ضيوفا أو محتلين كما يصور بعض السذج والشعوبيين بل حلوا في أرض اجدادهم البعيدين من العموريين والاراميين، ورافدًا بشريا لأجدادهم الأقربين من عرب اليمن الذين سبقوهم واسسوا مملكتي المناذرة والغساسنة قبيل الاسلام
وإن كان الساميون هم أصحاب الهجرات المتتابعة والأكثر تأثيرًا على بلاد الشام وإن كان الاسلام هو الدين الذي حملته آخر الهجرات السامية  وكان الأعمق تأثيرًا عبر الزمان والمكان، فإنه بمقابل الساميين الذين انحدر منهم العرب فإن هناك شعوبًا أخرى كانت بلاد الشام مقصدًا لهجراتها وغزواتها، بعضها كان طارئًا كالرومان والإغريق  وبعضها اندثر كالحثيين والحوريين والميتانيين وبعضها تعايش مع المحيط واندمج به وزالت مميزاته العرقية كشعوب البحر (البلست)، وقلة قليلة من الشعوب التي استوطنت الشام حافظت على هويتها وظلت مستمرة في سكن هذه المنطقة إلى جانب العرب ومنها تتشكل الأقليات العرقية التي تعيش في الشام اليوم وهم خمس قوميات أساسية: الاكراد والتركمان والشركس والأرمن والاشوريون. واقليات هامشية. ويشكل كل هؤلاء مع العرب مجموع سكان سوريا البالغ عام 2013 نحو (22.85 مليون)، واعتمادا على نسبة الزيادة السكانية السنوية وهي (2%) فان عدد السكان اليوم  هو قرابة (23.5 مليون)[2] بحسب تقرير لوزارة الخارجية الامريكية عام 2009، لكن هذه النسبة تشمل الأكراد والاشوريين وبعض الأرمن وغيرهم من الأقليات التي أعطيت الجنسية السورية وتم اعتبارهم عربًا وهم ليسوا كذلك من الناحية العرقية، فتكون نسبة العرب باستثناء هؤلاء هي بحدود 85%[4] وهي نسبة مقاربة لما جاء في تقرير وزارة الخارجية الامريكية عام 2009[6]. في حين ان وزارة الخارجية الامريكية رفعت نسبتهم إلى 2% من مجموع السكان العام، وهو ما يساوي حوالي 2.5 مليون[8]
الدروز: قبل منتصف القرن التاسع عشر لم يكن هناك دروز في جنوب سوريا حيث اليوم يشكلون غالبية في مدينة السويداء وقد هاجروا الى المنطقة نتيجة حروب قبلية بين اليمنية والقيسية في جبل لبنان ابتداء من عام 1860م. يشكل الدروز نسبة لا تتجاوز 3% من مجموع عرب سوريا وبتعداد لا يتجاوز 250 الفا[10].
الشيعة: حتى فترة الستينيات كانت نسبتهم اقل من 0.5% لكن عمليات التشييع التي مارستها إيران منذ عام 2000 رفعت نسبتهم إلى نحو 2% على حساب الطوائف الأخرى التي تم نشر التشيع بين أبنائها[12]

رابط المقال على رابطة ادباء الشام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[2] موقع وزارة الخارجية الامريكية على الرابط التنالي
http://www.state.gov/outofdate/bgn/syria/158703.htm
[4] شبيب، نبيل-الخلفية الدينية والطائفية للوضع السياسي في سوريا-شبكة الجزيرة – المعرفة -الأحد 17/8/1425 هـ -الموافق 3/10/2004
[6] شبيب، نبيل-الخلفية الدينية والطائفية للوضع السياسي في سوريا-شبكة الجزيرة – المعرفة -الأحد 17/8/1425 هـ -الموافق 3/10/2004
[8] قومي، إسحاق- نسبة المسيحيين السوريين واعراقهم- قناة عشتار- على الرابط
 التالي: http://ishtartv.com/viewarticle,43344.html
تاريخ الاستخراج ‏الأحد‏، 13‏/أيلول‏/2015
[10] موقع وزارة الخارجية الامريكية على الرابط التنالي
http://www.state.gov/outofdate/bgn/syria/158703.htm
[11] البعث الشيعي في سوريا-ص26

تعليقات